إن العلوم والأعمال التى أنتجها الإسلام وحضارته بناء على النسق السنى السائد (الأشعرى / الماتريدى - المذهبى - الصوفى) هى أدل دليل على أنه خير وحق وعدل وجمال ، وأن الله نزهه عن الشر .
فإن الأمور إنما يعرف مدى اقترابها من ذلك وبعدها عنها من نتائجها وما ترتب عليها ، خاصة فى أكثر تلك النتائج تطرفا التى تتمثل خلاصة أصول ما بنيت عليه ، فالحضارة التى أنتجت الفاشية والنازية والمحافظين الجدد ، بل وأنتجت ورَعَت الحركات الأصولية المتطرفة عندنا([1]) ، هى حضارة بعيدة عن الخير والحق والعدل والجمال ، الحضارة التى لم تر إلا نفسها ، الحضارة التى بنت نفسها وما زالت تستمد قوتها من امتصاص([2]) واستنزاف عقول وثروات الأمم([3]) ، الحضارة التى تكذب وتؤخذ منك أكثر مما تعطيك ، وتدعى خلاف ذلك([4]) ، الحضارة التى حولت الفن – وهو أرقى تعبير عن مشاعر الإنسان ووجدانه – إلى تعرية أقبح شىء فى الإنسان ، حولته إلى شىء رخيص ومقزز وإباحى ، الحضارة التى قتلت الملايين من أبناء الشعوب حتى تقوم قائمتها ، ثم استدارت على نفسها فقتلت الملايين من أبنائها فى حربين عالميتين ، ثم تهالكت فى صراع تسليح بددت فيه ثروات الأرض ، ثم رجعت تفتك بشعوب الأرض مرة أخرى تريد أن تفنيهم كما أفنت الهنود الحمر ، تلك الحضارة هى حضارة بعيدة عن الحق والعدل والجمال .
ثم بعد كل هذا يتخيلون أن هذه الحضارة لم تفعل شرا قط ، وأن نبينا – حاشاه – هو الذى أتى بالشرور ، ومن ثم يجب استأصل آثار شروره من على وجه الأرض ، ومحو دينه وما انبنى عليه من علوم وحضارة وقيم .
إن الأحاديث التى يحويها هذا الكتاب - مع القرآن الكريم طبعا - هما الأساس التشريعى والقيمى والحضارى والسلوكى والوجدانى الذى سار عليه المسلمون فى علومهم ، وفى حضارتهم ، وفى جهادهم ، وفى فتوحهم للبلاد شرقا وغربا ، وهما اللذان كونا وجدان هذه الأمة وعقلها الجمعى وضميرها الجماعى فضلا عن مناهجها وعلومها وحضارتها .
إن المسلمين من خلال النسق السنى السائد حين فتحوا العالم حافظوا على أديان الآخرين وحضارتهم وأعراقهم وثقافتهم ، ورحبوا بكل من أحسن شيئا وأعطوه مكانته التى يليق بها فى المجتمع الإسلامى ، لقد كان أطباء الخلفاء والملوك والسلاطين غالبا من غير المسلمين حيث كانوا يتقنون الطب ، وكثيرا ما كان أصحاب بيت المال ( وزير المالية أو الخزانة) من غير المسلمين أيضا حيث تفوقوا فى ذلك .
ستجد فى هذا الكتاب أن النبى صلى الله عليه وسلم لما ذهب إليه اليهود بزانيين أرجعهم إلى التوراة ، ولم يحملهم حملا على القرآن الكريم ، بل لم يطلب منهم أن يتحاكموا إليه أصلا حتى كانوا هم الذين ذهبوا إليه بمحض إرادتهم لمعرفتهم بعدل الإسلام ، ونزاهة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وغير ذلك من مئات الوقائع التى تشعر إذا اطلعت عليها أن هناك ((عملية تزوير عالمية)) للحقائق بل للحضارات ، نسأل الله تعالى أن يحق الحق فيها ويزهق الباطل .
ولهذا فإن مشروعنا ليس مجرد كتاب يحقق ، أو نص ينشر ، بل عمل حضارى فى الأساس الأول له ، هكذا أفهمه ، وهكذا عملت فيه ، وهكذا أرجو أن يكون .
([1])لاحظ أن كل الحركات الأصولية المتطرفة فى عالمنا الإسلامى هى أيضا صنيعتهم ، لا صنيعتنا ، وكل علمائنا ومجتمعاتنا ومفكرينا ومثقفينا يرفضونها ، ومع ذلك تستمر بدعم من الآخر ، حتى تظل تدمر ما بقى من حضارتنا . ووثائق الخارجية البريطانية مثلا أدل دليل على ذلك ، والتأريخ المنصف لهذه الحركات الأصولية المتطرفة يشهد بأن الاستعمار هو الذى رعاها . انظر على سبيل المثال : - الجزيرة العربية فى الوثائق البريطانية (نجد والحجاز) ، اختيار وترجمة وتحرير : نجدة فتحى صفوة ، بيروت ، : دار الساقى ، 2001 . - من الوثائق البريطانية فى تاريخ الخليج والجزيرة العربية ، تأليف : عبد العزيز عبد الغنى إبراهيم ، العين : مركز زايد للتراث والتاريخ ، ط : 1422 هـ / 2001 م . - مجموعة المعاهدات والتعهدات والسندات ذات العلاقة بالهند (البريطانية) والخليج والجزيرة العربية ، جمع وتصنيف : سى يو اتجيسون بى سى اس ، وكيل حكومة الهند البريطانية فى الخارجية الهندية ، ترجمة العميد الركن : عبد الوهاب عبد الستار القصاب ، تقديم : أ .د : محمود على الداود ، بغداد : بيت الحكمة ،ط1 ، 2001 م .
([2])يمثل مصاص الدماء (دراكولا) الأسطورى جزءا من الضمير الجمعى الغربى ، ذلك المصاص الذى يمتص دماء ضحاياه لينال الخلود والاستمرار أبدا . ويظهر ذلك بوضوح فى الآداب الغربية سواء القديمة أو الحديثة ، ليبقى فى الوجدان أن السيد يكتسب قوته من مص دم الضحية .
أما أساطير شعوبنا ((الغلبانة)) فهى أساطير أبى زيد الهلالى ، والزناتى خليفة ، والشاطر حسن ، والأميرة ذات الهمة ، أساطير تعبر عن الشهامة والفروسية والأخلاق الكريمة والقيم السامية ونصرة الضعيف ، أو أساطير تتحدث عن الأولياء وكراماتهم التى نتجت عن شدة قربهم من الله تعالى ، أساطير تبحث عن رفع الظلم ، وإطعام الفقير ، ونصرة الضعيف ، وإنقاذ الناس مما وقعوا فيه . ولم تنتج حضارتنا أبدا أسطورة عن مصاصى الدماء ، فضلا أن تفعل ذلك بالفعل على أرض الواقع .
فحتى فى أساطيرنا وأساطيرهم نحن أقرب للخير والحق والعدل والجمال منهم .
وقد اعترف بابا الفاتيكان الحالى فى بحث أخير له بأن حضارة العالم الغربى قامت على سرقة الشعوب واستنزاف ثرواتها .
([3])من أمثلة ذلك ما حكاه الجبرتى فى تاريخه عند ترجمته لأبيه ، أن الأفرنج كانوا يأتون إليه ليتعلموا منه الرياضات والفلك والكيمياء والميكانيكا ونحو ذلك من العلوم ، ونشروا هذه العلوم عنه فى بلادهم ، وأخرجوها من القوة إلى الفعل ، فلما أتت الحملات الاستعمارية أُحرقَت مكتبته، وصار المستعمرون يقتلون كل يوم من الأزهريين عددا ، حتى يُقضى على عقول الأمة ، ولا تبقى العلوم إلا فى أيديهم ، ليسيطروا بها علينا . انظر : تاريخ الجبرتى (1/461) .
([4]) ويشهد بذلك حركة الأموال من عالمنا إلى عالمها ، فالأموال التى تخرج من عندنا إليها أكثر مرتين ونصف من الأموال التى تأتى منها إلينا ، كما تشهد بذلك تقارير البنك الدولى ، ثم يمنون بأننا نأخذ منهم معونات يدفعها دافعو الضرائب ، معونات مشروطة بتغيير القوانين والثقافة والتعليم !!
فإن الأمور إنما يعرف مدى اقترابها من ذلك وبعدها عنها من نتائجها وما ترتب عليها ، خاصة فى أكثر تلك النتائج تطرفا التى تتمثل خلاصة أصول ما بنيت عليه ، فالحضارة التى أنتجت الفاشية والنازية والمحافظين الجدد ، بل وأنتجت ورَعَت الحركات الأصولية المتطرفة عندنا([1]) ، هى حضارة بعيدة عن الخير والحق والعدل والجمال ، الحضارة التى لم تر إلا نفسها ، الحضارة التى بنت نفسها وما زالت تستمد قوتها من امتصاص([2]) واستنزاف عقول وثروات الأمم([3]) ، الحضارة التى تكذب وتؤخذ منك أكثر مما تعطيك ، وتدعى خلاف ذلك([4]) ، الحضارة التى حولت الفن – وهو أرقى تعبير عن مشاعر الإنسان ووجدانه – إلى تعرية أقبح شىء فى الإنسان ، حولته إلى شىء رخيص ومقزز وإباحى ، الحضارة التى قتلت الملايين من أبناء الشعوب حتى تقوم قائمتها ، ثم استدارت على نفسها فقتلت الملايين من أبنائها فى حربين عالميتين ، ثم تهالكت فى صراع تسليح بددت فيه ثروات الأرض ، ثم رجعت تفتك بشعوب الأرض مرة أخرى تريد أن تفنيهم كما أفنت الهنود الحمر ، تلك الحضارة هى حضارة بعيدة عن الحق والعدل والجمال .
ثم بعد كل هذا يتخيلون أن هذه الحضارة لم تفعل شرا قط ، وأن نبينا – حاشاه – هو الذى أتى بالشرور ، ومن ثم يجب استأصل آثار شروره من على وجه الأرض ، ومحو دينه وما انبنى عليه من علوم وحضارة وقيم .
إن الأحاديث التى يحويها هذا الكتاب - مع القرآن الكريم طبعا - هما الأساس التشريعى والقيمى والحضارى والسلوكى والوجدانى الذى سار عليه المسلمون فى علومهم ، وفى حضارتهم ، وفى جهادهم ، وفى فتوحهم للبلاد شرقا وغربا ، وهما اللذان كونا وجدان هذه الأمة وعقلها الجمعى وضميرها الجماعى فضلا عن مناهجها وعلومها وحضارتها .
إن المسلمين من خلال النسق السنى السائد حين فتحوا العالم حافظوا على أديان الآخرين وحضارتهم وأعراقهم وثقافتهم ، ورحبوا بكل من أحسن شيئا وأعطوه مكانته التى يليق بها فى المجتمع الإسلامى ، لقد كان أطباء الخلفاء والملوك والسلاطين غالبا من غير المسلمين حيث كانوا يتقنون الطب ، وكثيرا ما كان أصحاب بيت المال ( وزير المالية أو الخزانة) من غير المسلمين أيضا حيث تفوقوا فى ذلك .
ستجد فى هذا الكتاب أن النبى صلى الله عليه وسلم لما ذهب إليه اليهود بزانيين أرجعهم إلى التوراة ، ولم يحملهم حملا على القرآن الكريم ، بل لم يطلب منهم أن يتحاكموا إليه أصلا حتى كانوا هم الذين ذهبوا إليه بمحض إرادتهم لمعرفتهم بعدل الإسلام ، ونزاهة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وغير ذلك من مئات الوقائع التى تشعر إذا اطلعت عليها أن هناك ((عملية تزوير عالمية)) للحقائق بل للحضارات ، نسأل الله تعالى أن يحق الحق فيها ويزهق الباطل .
ولهذا فإن مشروعنا ليس مجرد كتاب يحقق ، أو نص ينشر ، بل عمل حضارى فى الأساس الأول له ، هكذا أفهمه ، وهكذا عملت فيه ، وهكذا أرجو أن يكون .
([1])لاحظ أن كل الحركات الأصولية المتطرفة فى عالمنا الإسلامى هى أيضا صنيعتهم ، لا صنيعتنا ، وكل علمائنا ومجتمعاتنا ومفكرينا ومثقفينا يرفضونها ، ومع ذلك تستمر بدعم من الآخر ، حتى تظل تدمر ما بقى من حضارتنا . ووثائق الخارجية البريطانية مثلا أدل دليل على ذلك ، والتأريخ المنصف لهذه الحركات الأصولية المتطرفة يشهد بأن الاستعمار هو الذى رعاها . انظر على سبيل المثال : - الجزيرة العربية فى الوثائق البريطانية (نجد والحجاز) ، اختيار وترجمة وتحرير : نجدة فتحى صفوة ، بيروت ، : دار الساقى ، 2001 . - من الوثائق البريطانية فى تاريخ الخليج والجزيرة العربية ، تأليف : عبد العزيز عبد الغنى إبراهيم ، العين : مركز زايد للتراث والتاريخ ، ط : 1422 هـ / 2001 م . - مجموعة المعاهدات والتعهدات والسندات ذات العلاقة بالهند (البريطانية) والخليج والجزيرة العربية ، جمع وتصنيف : سى يو اتجيسون بى سى اس ، وكيل حكومة الهند البريطانية فى الخارجية الهندية ، ترجمة العميد الركن : عبد الوهاب عبد الستار القصاب ، تقديم : أ .د : محمود على الداود ، بغداد : بيت الحكمة ،ط1 ، 2001 م .
([2])يمثل مصاص الدماء (دراكولا) الأسطورى جزءا من الضمير الجمعى الغربى ، ذلك المصاص الذى يمتص دماء ضحاياه لينال الخلود والاستمرار أبدا . ويظهر ذلك بوضوح فى الآداب الغربية سواء القديمة أو الحديثة ، ليبقى فى الوجدان أن السيد يكتسب قوته من مص دم الضحية .
أما أساطير شعوبنا ((الغلبانة)) فهى أساطير أبى زيد الهلالى ، والزناتى خليفة ، والشاطر حسن ، والأميرة ذات الهمة ، أساطير تعبر عن الشهامة والفروسية والأخلاق الكريمة والقيم السامية ونصرة الضعيف ، أو أساطير تتحدث عن الأولياء وكراماتهم التى نتجت عن شدة قربهم من الله تعالى ، أساطير تبحث عن رفع الظلم ، وإطعام الفقير ، ونصرة الضعيف ، وإنقاذ الناس مما وقعوا فيه . ولم تنتج حضارتنا أبدا أسطورة عن مصاصى الدماء ، فضلا أن تفعل ذلك بالفعل على أرض الواقع .
فحتى فى أساطيرنا وأساطيرهم نحن أقرب للخير والحق والعدل والجمال منهم .
وقد اعترف بابا الفاتيكان الحالى فى بحث أخير له بأن حضارة العالم الغربى قامت على سرقة الشعوب واستنزاف ثرواتها .
([3])من أمثلة ذلك ما حكاه الجبرتى فى تاريخه عند ترجمته لأبيه ، أن الأفرنج كانوا يأتون إليه ليتعلموا منه الرياضات والفلك والكيمياء والميكانيكا ونحو ذلك من العلوم ، ونشروا هذه العلوم عنه فى بلادهم ، وأخرجوها من القوة إلى الفعل ، فلما أتت الحملات الاستعمارية أُحرقَت مكتبته، وصار المستعمرون يقتلون كل يوم من الأزهريين عددا ، حتى يُقضى على عقول الأمة ، ولا تبقى العلوم إلا فى أيديهم ، ليسيطروا بها علينا . انظر : تاريخ الجبرتى (1/461) .
([4]) ويشهد بذلك حركة الأموال من عالمنا إلى عالمها ، فالأموال التى تخرج من عندنا إليها أكثر مرتين ونصف من الأموال التى تأتى منها إلينا ، كما تشهد بذلك تقارير البنك الدولى ، ثم يمنون بأننا نأخذ منهم معونات يدفعها دافعو الضرائب ، معونات مشروطة بتغيير القوانين والثقافة والتعليم !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق