الغرض كشف الحقيقة والإنصاف لا غير ، وإبراز الوجه الآخر المخالف لما يشاع ويذاع ، ولهذا سنقتصر على المراد منه لاشتهار الكتاب بين أيدى الناس ، فالمؤرخون للشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يذكرون رأى المخالفين له ، ويعظمونه جدا ، ولا يتجاسرون على القول بأنه أخطأ ولو فى مسألة واحدة ، ويزيفون التاريخ ، ويصورون للناس أن الرجل كان محل اتفاق وكلمة إجماع وأنه لسان أهل السنة والجماعة ومن خالفه خارج عنهم ، وليس الأمر كذلك ، يقول صديق حسن خان :
1- الشيخ : محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن أحمد بن راشد بن يزيد بن محمد بن يزيد بن مشرف صاحب نجد الذي تنسب إليه الطائفة الوهابية وهذا هو المعروف من نسبه ويذكر أنه من مضر ثم بني تميم ... .
2- وانتشرت دعوته في : نجد وشرق بلاد العرب إلى عمان ولم يخرج عنها إلى الحجاز واليمن إلا في حدود المائتين والألف وتوفي سنة 1209 .
3- قال الشيخ الإمام العلامة : محمد بن ناصر الحازمي الآخذ عن شيخ الإسلام : محمد بن علي الشوكاني : هو رجل عالم متبع الغالب عليه في نفسه الاتباع ورسائله معروفة وفيها المقبول والمردود وأشهر ما ينكر عليه خصلتان كبيرتان : الأولى : تكفير أهل الأرض بمجرد تلفيقات لا دليل عليها وقد أنصف السيد الفاضل العلامة : داود بن سليمان في الرد عليه في ذلك . الثانية : التجاري على سفك الدم المعصوم بلا حجة ولا إقامة برهان ...
4- وللإمام العلامة : عبد الله بن عيسى بن محمد الصنعاني كتاب سماه : ( السيف الهندي في إبانة طريقة الشيخ النجدي ) ألفه في سنة 1218 ، قال فيه : (( كان مبتدأ أمره في بضع وستين ومائة وألف خرج محمد بن عبد الوهاب الحنبلي فنزل بمحلة الشيخ : عبد العزيز النجدي وكان أهل تلك المحلة قوم أعراب مضيعين لأركان الإسلام وهؤلاء أهل اليمامة فلما حل الشيخ : محمد - المذكور - ما زال يدعوهم إلى التوحيد ويعلمهم الشرائع من الصلاة والصيام وغير ذلك والشيخ : عبد العزيز بن محمد النجدي : أول من تابعه وأسلم على يديه ؟! ، ثم لما تم للشيخ ابن عبد الوهاب ما أراد في تلك القرى المجاورة للدرعية : وهي قرية الشيخ : عبد العزيز واجتمع على الإسلام معه عصابة قوية !! صاروا يدعون من حولهم من القرى بالرغبة والرهبة ويقاتلون من حولهم من الأعراب ، ثم لما تمكن في قلوبهم الإسلام - وهم عرب أغنام - قرر لهم : أن دعا من غير الله أو توسل بنبي أو ملك أو عالم فإنه مشرك شاء أو أبى اعتقد ذلك أم لا ، وتعدى ذلك إلى تكفير جمهور المسلمين وقد قاتلهم بهذا الوجه الذي أبداه وقد وقفت على رسالة لهم في هذا الشأن .
5- وقد كان المولى العلامة السيد : محمد بن إسماعيل الأمير بلغه من أحوال هذا النجدي ما سره فقال قصيدته المشهورة :
سلام على نجد ومن حل في نجد ... وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
ثم لما تحقق الأحوال من بعض من وصل إلى اليمن وجد الأمر غير صاف عن الإدغال وقال :
رجعت عن القول الذي قلت في النجدى ... فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي
6- ونقلت من خط العلامة وجيه الإسلام : عبد القادر ابن أحمد بن الناصر ما صورته في ذي القعدة سنة 1170 ، سنة وصل إلينا الشيخ الفاضل : مربد بن أحمد بن عمر التميمي النجدي الجريملي : نسبة إلى جريمل : بلد قرب سدوس أول بلاد اليمامة من جهة الغرب وكان وصوله إلى اليمن لطلب تحقيق مسألة جرت بينه وبين الشيخ : محمد بن عبد الوهاب في تكفير من دعا الأولياء والشيخ يكفر من فعل ذلك ومن شك في كفره ويجاهد من خالفه ، وكان سبب وصوله إلى اليمن : أنه سمع قصيدة لشيخنا السيد العلامة : محمد بن إسماعيل الأمير كتبها إلى الشيخ : محمد بن عبد الوهاب وللشيخ مربد عليها جواب صغير ولم يكن يتعاطى فيها الشعر قط فهذا كلام إمام ذلك الزمان في تحقيق مذهب الشيخ : محمد بن عبد الوهاب النجدي من قبل أن يولد أكثر هذه الطبقة التي نحن فيها . انتهى حاصله ثم رد في هذه الرسالة (يعنى السيف الهندي في إبانة طريقة الشيخ النجدي ) عليه بعض عقائده ومسائله .
7- وأما السيد العلامة : محمد بن إسماعيل الأمير فعبارته في شرح قصيدة مذكورة له الموسوم : ( بمحو الحوبة في شرح أبيات التوبة ) : ((لما بلغت هذه الأبيات نجدا يعني القصيدة الأولى وصل إلينا بعد أعوام من بلوغها رجل عالم يسمى : الشيخ مربد بن أحمد التميمي وكان وصوله في شهر صفر سنة 1170 ، وأقام لدينا ثمانية أشهر وحصل بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، والحافظ ابن القيم بخطه وفارقنا في عشرين من شوال 1170 ، راجعا إلى وطنه وكان من تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي وجهنا إليه الأبيات فأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها ، وكان قد تقدمه في الوصول إلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي ووصف لنا من حال ابن عبد الوهاب أشياء أنكرها عليه من : سفك الدماء ونهبه الأموال وتجاربه على قتل النفوس ولو بالاغتيال وتكفيره الأمة المحمدية في جميع الأقطار فبقي معنا تردد فيما نقله الشيخ : عبد الرحمن حتى وصل الشيخ : مربد وله نباهة ووصل ببعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في : وجه تكفير أهل الإيمان وقتلهم ونهبهم وحقق لنا أحواله وأفعاله وأقواله .
8- فرأينا أحواله أحوال رجل عرف من الشريعة شطرا ولم يمعن النظر ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ويدله على العلوم النافعة ويفقهه فيها بل طالع بعضا من مؤلفات الشيخ : أبي العباس ابن تيمية ومؤلفات تلميذه : ابن القيم الجوزية وقلدهما من غير إتقان مع أنهما يحرمان التقليد .
9- ولما حقق لنا أحواله ورأينا في الرسائل أقواله وذكر لي أنه : إنما عظم شأنه بوصول الأبيات التي وجهناها إليه ، وأنه يتعين علينا نقض ما قدمناه وحل ما أبرمناه ، وكانت هذه الأبيات قد طارت كل مطار وبلغت غالب الأقطار وأتتنا فيها جوابات من مكة - المشرفة - ومن البصرة وغيرهما إلا أنها جوابات خالية عن الإنصاف ولما أخذ علينا الشيخ مربد ذلك تعين علينا لئلا نكون سببا في شيء من هذه الأمور التي ارتكبها ابن عبد الوهاب المذكور - كتبت أبياتا وشرحتها ، وأكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخه لأنهما عمدة الحنابلة . انتهى كلام السيد - رحمه الله تعالى .
10- وقد وقفت على هذا الشرح وهو عندي موجود ألفه السيد المؤلف في سنة 1170 ، ثم وقفت لهذا العهد على كتاب : ( رد المحتار وحاشية الدر المختار ) للسيد : محمد أمين بن عمر المعروف : بابن العابدين بمصر حالا وكان في سنة 1249 ، ما لفظه : ((كما وقع في زماننا في أتباع ابن عبد الوهاب الذي خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم ، حتى كسر الله شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف . انتهى
11- هذا وقد وقفت على رسائل للشيخ : محمد بن عبد الوهاب منها : ( كتاب النبذة في معرفة الدين الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار ) و ( كتاب التوحيد ) المشتمل على مسائل من هذا الباب أوله : قول الله - عز وجل - : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وليس لهذا الكتاب ديباجة بل يذكر فيه الآيات والأحاديث ثم يقول فيه مسائل و كتاب في مسائل خالف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما عليه أهل الجاهلية من أهل الكتاب وغيرهم وهو مختصر في نحو كراسة ، وكتاب ( كشف الشبهات في بيان التوحيد وما يخالفه والرد على المشركين ) ، ورسالة : ( أربع قواعد من قواعد الدين ) في نحو ورقة . وكتاب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، و : ( كتاب في تفسير شهادة : أن لا إله إلا الله ) ، وكتاب : ( تفسير سورة الفاتحة ) ، ورسالة : ( في معرفة العبد ربه ودينه ونبيه ) ، ورسالة : ( في بيان التوجه في الصلاة ) ورسالة : ( في معنى : الكلمة الطيبة ) أيضا ، ورسالة : ( في تحريم التقليد ) .
12- وهذا جل ما وقفت عليه من تواليفه إلى الآن وفيها ما يقبل ويرد .
13- ثم ذكر صديق حسن خان طرفا ممن أثنى على ابن عبد الوهاب من أتباعه ، ولا حاجة لنا هنا لاشتهاره ، وإنما الغرض ذكر من خالفه وأنه لم يكن كلمة إجماع بين العلماء ، ثم ختم صديق حسن خان كلامه بقوله :
14- وبالجملة : فالشيخ محمد بن عبد الوهاب ممن اختلف فيه اعتقاد الناس فمنهم : من أثنى عليه في كل ما قاله ووضعه ونشره ودعا إليه وقاتل عليه وانتصر له وافتخر بالانتساب إليه وإلى طريقته ، ومنهم : من أساء الظن به كل الظن ورد عليه كل نقير وقطمير اختاره وذهب إليه وكفره وبدعه . ومنهم : من سلك سبيل الإنصاف وترك - خشية الله تعالى - القول باعتساف فقبل من أقواله ما كان صوابا ورد ما خالف منها سنة وكتابا ولعمري هذا هو الطريق السوي والصراط المستوي وهو الذي درج عليه أئمة الأمة وسلفها عند اختلاف الناس وتنازعهم في الدين وقضوا بذلك وبه كانوا يعدلون بين المسلمين ومن حاد عن طريقهم وشذ عن فريقهم فهو على شفا حفرة من النار ولا عبرة بالعامة بل ولا بالخاصة في نصرة من أحبوه وحط من أبغضوه لأن ذلك دأب أكثر الناس في غالب الأمصار والأعصار إلا من عصمه الله ووفقه للنصفة والاعتبار - والله أعلم بالصواب ، انتهى المراد منه (راجع : أبجد العلوم 3/194- 200) .
1- الشيخ : محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن أحمد بن راشد بن يزيد بن محمد بن يزيد بن مشرف صاحب نجد الذي تنسب إليه الطائفة الوهابية وهذا هو المعروف من نسبه ويذكر أنه من مضر ثم بني تميم ... .
2- وانتشرت دعوته في : نجد وشرق بلاد العرب إلى عمان ولم يخرج عنها إلى الحجاز واليمن إلا في حدود المائتين والألف وتوفي سنة 1209 .
3- قال الشيخ الإمام العلامة : محمد بن ناصر الحازمي الآخذ عن شيخ الإسلام : محمد بن علي الشوكاني : هو رجل عالم متبع الغالب عليه في نفسه الاتباع ورسائله معروفة وفيها المقبول والمردود وأشهر ما ينكر عليه خصلتان كبيرتان : الأولى : تكفير أهل الأرض بمجرد تلفيقات لا دليل عليها وقد أنصف السيد الفاضل العلامة : داود بن سليمان في الرد عليه في ذلك . الثانية : التجاري على سفك الدم المعصوم بلا حجة ولا إقامة برهان ...
4- وللإمام العلامة : عبد الله بن عيسى بن محمد الصنعاني كتاب سماه : ( السيف الهندي في إبانة طريقة الشيخ النجدي ) ألفه في سنة 1218 ، قال فيه : (( كان مبتدأ أمره في بضع وستين ومائة وألف خرج محمد بن عبد الوهاب الحنبلي فنزل بمحلة الشيخ : عبد العزيز النجدي وكان أهل تلك المحلة قوم أعراب مضيعين لأركان الإسلام وهؤلاء أهل اليمامة فلما حل الشيخ : محمد - المذكور - ما زال يدعوهم إلى التوحيد ويعلمهم الشرائع من الصلاة والصيام وغير ذلك والشيخ : عبد العزيز بن محمد النجدي : أول من تابعه وأسلم على يديه ؟! ، ثم لما تم للشيخ ابن عبد الوهاب ما أراد في تلك القرى المجاورة للدرعية : وهي قرية الشيخ : عبد العزيز واجتمع على الإسلام معه عصابة قوية !! صاروا يدعون من حولهم من القرى بالرغبة والرهبة ويقاتلون من حولهم من الأعراب ، ثم لما تمكن في قلوبهم الإسلام - وهم عرب أغنام - قرر لهم : أن دعا من غير الله أو توسل بنبي أو ملك أو عالم فإنه مشرك شاء أو أبى اعتقد ذلك أم لا ، وتعدى ذلك إلى تكفير جمهور المسلمين وقد قاتلهم بهذا الوجه الذي أبداه وقد وقفت على رسالة لهم في هذا الشأن .
5- وقد كان المولى العلامة السيد : محمد بن إسماعيل الأمير بلغه من أحوال هذا النجدي ما سره فقال قصيدته المشهورة :
سلام على نجد ومن حل في نجد ... وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
ثم لما تحقق الأحوال من بعض من وصل إلى اليمن وجد الأمر غير صاف عن الإدغال وقال :
رجعت عن القول الذي قلت في النجدى ... فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي
6- ونقلت من خط العلامة وجيه الإسلام : عبد القادر ابن أحمد بن الناصر ما صورته في ذي القعدة سنة 1170 ، سنة وصل إلينا الشيخ الفاضل : مربد بن أحمد بن عمر التميمي النجدي الجريملي : نسبة إلى جريمل : بلد قرب سدوس أول بلاد اليمامة من جهة الغرب وكان وصوله إلى اليمن لطلب تحقيق مسألة جرت بينه وبين الشيخ : محمد بن عبد الوهاب في تكفير من دعا الأولياء والشيخ يكفر من فعل ذلك ومن شك في كفره ويجاهد من خالفه ، وكان سبب وصوله إلى اليمن : أنه سمع قصيدة لشيخنا السيد العلامة : محمد بن إسماعيل الأمير كتبها إلى الشيخ : محمد بن عبد الوهاب وللشيخ مربد عليها جواب صغير ولم يكن يتعاطى فيها الشعر قط فهذا كلام إمام ذلك الزمان في تحقيق مذهب الشيخ : محمد بن عبد الوهاب النجدي من قبل أن يولد أكثر هذه الطبقة التي نحن فيها . انتهى حاصله ثم رد في هذه الرسالة (يعنى السيف الهندي في إبانة طريقة الشيخ النجدي ) عليه بعض عقائده ومسائله .
7- وأما السيد العلامة : محمد بن إسماعيل الأمير فعبارته في شرح قصيدة مذكورة له الموسوم : ( بمحو الحوبة في شرح أبيات التوبة ) : ((لما بلغت هذه الأبيات نجدا يعني القصيدة الأولى وصل إلينا بعد أعوام من بلوغها رجل عالم يسمى : الشيخ مربد بن أحمد التميمي وكان وصوله في شهر صفر سنة 1170 ، وأقام لدينا ثمانية أشهر وحصل بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، والحافظ ابن القيم بخطه وفارقنا في عشرين من شوال 1170 ، راجعا إلى وطنه وكان من تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي وجهنا إليه الأبيات فأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها ، وكان قد تقدمه في الوصول إلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي ووصف لنا من حال ابن عبد الوهاب أشياء أنكرها عليه من : سفك الدماء ونهبه الأموال وتجاربه على قتل النفوس ولو بالاغتيال وتكفيره الأمة المحمدية في جميع الأقطار فبقي معنا تردد فيما نقله الشيخ : عبد الرحمن حتى وصل الشيخ : مربد وله نباهة ووصل ببعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في : وجه تكفير أهل الإيمان وقتلهم ونهبهم وحقق لنا أحواله وأفعاله وأقواله .
8- فرأينا أحواله أحوال رجل عرف من الشريعة شطرا ولم يمعن النظر ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ويدله على العلوم النافعة ويفقهه فيها بل طالع بعضا من مؤلفات الشيخ : أبي العباس ابن تيمية ومؤلفات تلميذه : ابن القيم الجوزية وقلدهما من غير إتقان مع أنهما يحرمان التقليد .
9- ولما حقق لنا أحواله ورأينا في الرسائل أقواله وذكر لي أنه : إنما عظم شأنه بوصول الأبيات التي وجهناها إليه ، وأنه يتعين علينا نقض ما قدمناه وحل ما أبرمناه ، وكانت هذه الأبيات قد طارت كل مطار وبلغت غالب الأقطار وأتتنا فيها جوابات من مكة - المشرفة - ومن البصرة وغيرهما إلا أنها جوابات خالية عن الإنصاف ولما أخذ علينا الشيخ مربد ذلك تعين علينا لئلا نكون سببا في شيء من هذه الأمور التي ارتكبها ابن عبد الوهاب المذكور - كتبت أبياتا وشرحتها ، وأكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخه لأنهما عمدة الحنابلة . انتهى كلام السيد - رحمه الله تعالى .
10- وقد وقفت على هذا الشرح وهو عندي موجود ألفه السيد المؤلف في سنة 1170 ، ثم وقفت لهذا العهد على كتاب : ( رد المحتار وحاشية الدر المختار ) للسيد : محمد أمين بن عمر المعروف : بابن العابدين بمصر حالا وكان في سنة 1249 ، ما لفظه : ((كما وقع في زماننا في أتباع ابن عبد الوهاب الذي خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم ، حتى كسر الله شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف . انتهى
11- هذا وقد وقفت على رسائل للشيخ : محمد بن عبد الوهاب منها : ( كتاب النبذة في معرفة الدين الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار ) و ( كتاب التوحيد ) المشتمل على مسائل من هذا الباب أوله : قول الله - عز وجل - : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وليس لهذا الكتاب ديباجة بل يذكر فيه الآيات والأحاديث ثم يقول فيه مسائل و كتاب في مسائل خالف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما عليه أهل الجاهلية من أهل الكتاب وغيرهم وهو مختصر في نحو كراسة ، وكتاب ( كشف الشبهات في بيان التوحيد وما يخالفه والرد على المشركين ) ، ورسالة : ( أربع قواعد من قواعد الدين ) في نحو ورقة . وكتاب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، و : ( كتاب في تفسير شهادة : أن لا إله إلا الله ) ، وكتاب : ( تفسير سورة الفاتحة ) ، ورسالة : ( في معرفة العبد ربه ودينه ونبيه ) ، ورسالة : ( في بيان التوجه في الصلاة ) ورسالة : ( في معنى : الكلمة الطيبة ) أيضا ، ورسالة : ( في تحريم التقليد ) .
12- وهذا جل ما وقفت عليه من تواليفه إلى الآن وفيها ما يقبل ويرد .
13- ثم ذكر صديق حسن خان طرفا ممن أثنى على ابن عبد الوهاب من أتباعه ، ولا حاجة لنا هنا لاشتهاره ، وإنما الغرض ذكر من خالفه وأنه لم يكن كلمة إجماع بين العلماء ، ثم ختم صديق حسن خان كلامه بقوله :
14- وبالجملة : فالشيخ محمد بن عبد الوهاب ممن اختلف فيه اعتقاد الناس فمنهم : من أثنى عليه في كل ما قاله ووضعه ونشره ودعا إليه وقاتل عليه وانتصر له وافتخر بالانتساب إليه وإلى طريقته ، ومنهم : من أساء الظن به كل الظن ورد عليه كل نقير وقطمير اختاره وذهب إليه وكفره وبدعه . ومنهم : من سلك سبيل الإنصاف وترك - خشية الله تعالى - القول باعتساف فقبل من أقواله ما كان صوابا ورد ما خالف منها سنة وكتابا ولعمري هذا هو الطريق السوي والصراط المستوي وهو الذي درج عليه أئمة الأمة وسلفها عند اختلاف الناس وتنازعهم في الدين وقضوا بذلك وبه كانوا يعدلون بين المسلمين ومن حاد عن طريقهم وشذ عن فريقهم فهو على شفا حفرة من النار ولا عبرة بالعامة بل ولا بالخاصة في نصرة من أحبوه وحط من أبغضوه لأن ذلك دأب أكثر الناس في غالب الأمصار والأعصار إلا من عصمه الله ووفقه للنصفة والاعتبار - والله أعلم بالصواب ، انتهى المراد منه (راجع : أبجد العلوم 3/194- 200) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق