اللهم نسألك كما اختصمنا فيك فى الدنيا أن تجمعنا فيك فى الآخرة بما اختلفنا فيه من الحق بإذنك ، اللهم بقولك {ونزعنا ما فى صدورهم من غل} فانزعه عنا فى الدنيا قبل الآخرة {ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا} ، واجعلنا ومن اختصمنا معهم فيك {أخوانا على سرر متقابلين}
------------------------------------------
------------------------------------------

مقدمة

المقصود من هذه المدونة هو بيان أهل السنة والجماعة الحقيقيين كما ذكره الجماهير المجمهرة من علماء الأمة الإسلامية سواء المتقدمين منهم أو المتأخرين ، ومن كافة أقطار الإسلام .
هذه المدونة تناقش ما تحاول أن تشيعه الوهابية على أنه من مسلمات الفكر الإسلامى وأنه محل إجماع بين علماء المسلمين ، والحقيقة ليست كذلك ، إن ما قامت به الحركة الوهابية ودعت إليه من مقولات خاصة خلال السبعين سنة الماضية هو أكبر عملية لتزييف الفكر والتاريخ الإسلامى الصحيح
لهذا لا ينبغى للإنسان أن يغلق نفسه على مقولات الوهابية ودعاة السلفية ، ويستجيب لكل ضغوطهم وإرهابهم الفكرى وتبديعهم لجماهير العلماء بل وتكفيرهم فى كثير من الأحيان .
هذه المدونة أيضا تقدم نماذج حقيقية لكيفية مناقشة العلماء للقضايا وكيفية تفهمهم لها .
علينا ألا نسمع لرأى واحد ، ونغلق أعيننا وآذاننا دون أن نسمع آراء بقية العلماء ، وهذه إحدى إشكالات الصورة الزائفة للحياة الدينية الإسلامية التى تحاول أن تصبغنا بها الوهابية : الانغلاق ، والتعميم ، وهما وجهان لعملة واحدة ، رغم الدعوى الزائفة والكاذبة بالاجتهاد التى ما أريد بها إلا ترك المستقر والثابت والصحيح واتباع بدعهم وآرائهم الشاذة وأفكارهم المغلوطة

السبت، ٢٩ سبتمبر ٢٠٠٧

10- ابن تيمية ليس سلفيا

ابن تيمية ليس سلفيا
إنه لا شك عنوان شديد الإزعاج ، ولا شك أنه سيثير الكثير من الغضب لدى محبى ابن تيمية .
كان من الممكن أن أصوغه كما يصنع الكثيرون بصيغة السؤال : هل ابن تيمية سلفيا ، أو نحو ذلك من العناوين التى لا يظهر منها موقف الكاتب .
لكنى وجدت فى ذلك نوعا من منافقة أتباع ابن تيمية ومداهنتهم ، رأيت فيه نوعا من الجبن الفكرى ، وعدم القدرة على الإعلان الواضح والصريح بالمواقف والآراء .
بل وجدت فيه مخالفة لابن تيمية نفسه ، الذى لم يجبن يوما عن المجاهرة برأيه مهما كان فى رأيه مخالفة للشائع ، أو مجابهة للجماعة العلمية فى عصره ، لم يبال ابن تيمية أبدا إلا بما اقتنع هو به .
ولهذا لم أجد أى غضاضة وأنا أتناوله بالبحث أن أقتفى أثره فى جراءته ، وفى إعلانه برأيه واجتهاده ، وفى عدم ركونه للشائع والمسلمات المدعية .
لقد رفع ابن تيمية ومن ورائه أتباعه راية الاجتهاد وعدم الركون إلى تقليد ، وأرجو ألا تضيق صدروهم بذلك إذا استعمله غيرهم ووصل إلى نتائج خلاف ما وصلوا إليه ، فإن مقتضى الاجتهاد الاختلاف .
فطالما دعوتمونا إلى الاجتهاد وعدم الركون إلى التقليد فتحملوا مخالفتنا لكم .
وحقيقة الاجتهاد عدم قبول القول - أى قول – إلا بدليله ، وعدم التسليم لدعوى إلا بعد النظر فى حجتها ، ومن هنا فالقول بأن ابن تيمية من علماء السلف هى دعوى تحتاج إلى دليل ، ونظر ، ونقد ، ومن قبلها مسلمة فقد قبل التقليد على نفسه .
ومن جهة أخرى : فإن مناقشة كون هذا العالم أو ذلك ممن استقر كونهم من أهل السنة والجماعة على مذهب السلف أو ليس على مذهبهم هو باب فتحه ابن تيمية نفسه على مصرعيه ، وحاول به هز كثير من المسلمات المستقرة فى الفكر الإسلامى ، فمن غير المنكر فكريا ولا منهجيا أن ندخله من الباب الذى فتحه بنفسه ، ونجرى عليه ما أجراه هو على غيره من النقد والفحص .
ولست ألزمك أيها القارئ العزيز بأن تصل إلى القناعة التى وصلتُ إليها فى الإمام ابن تيمية أن دوره فى العقيدة هو التنظير العقلى لآراء غلاة المحدثين الذين وقعوا فى الحشو والتجسيم وإجراءه على قواعد النظر والاستدلال العقلى ، بعد أن كانوا يقتصرون على المنهج النقلى ، ومثال دوره فى ذلك مثال ما ذكره كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين فى دور الإمام أبى الحسن الأشعرى والإمام أبى منصور الماتريدى أنه يتمثل فى التنظير العقلى لمذهب السلف .
ولست ألزمك أيضا بالتسليم إلى ما ذهب إليه كثير من كبار الباحثين المتخصصين فى الفلسفة والعقيدة الإسلامية من أن ابن تيمية كرَّامى فى العقيدة ، وليس على مذهب السلف([1]) .
ولكن فقط أدعوك لقراءة هذا البحث الذى ننشر صورته فى هذا الموقع ، والذى كتبه أحد علماء الأزهر الشريف ، وهو فضيلة الشيخ الدكتور منصور محمد محمد عويس .
ولا شك أن هذا البحث يمكن الآن بعد مرور حوالى أربعين سنة على نشره إضافة الكثير والكثير إليه بعد نشر العديد من النصوص سواء من تراث ابن تيمية ، أو من تراث علم الكلام فى العقود الأخيرة ، ولكن يبقى للبحث ريادته فى هذا المجال ، وأنه يفتح الباب للمناقشة .
لقد كان لهذا البحث فضل السبق فى هذا العنوان ، فالعنوان عنوانه فى الأساس ، وقد آثارت الإبقاء عليه أيضا اتفاقا مع كاتبه فى النتائج التى انتهى إليها ، واتفاقا معه أيضا فى الحق الأكيد فى الجهر بالرأى طالما استند إلى الحجة والدليل ، وأرجو ألا يحرمنا أحد من هذا الحق الذى أباحوه لأنفسهم .
والله من وراء القصد
عصام أنس الزفتاوى

([1]) انظر للتعريف بالكرامية والحشوية من غلاة المحدثين : د . التفتازانى ، علم الكلام وبعض مشكلاته ، القاهرة : دار الثقافة ، د ت ، (ص 108 – 111) .
















ويمكن تحميل بقية صفحات الكتاب من مكتبة النصوص النادرة بموقعنا ، على الرابط التالى :

ليست هناك تعليقات: