------------------------------------------
------------------------------------------
مقدمة
هذه المدونة تناقش ما تحاول أن تشيعه الوهابية على أنه من مسلمات الفكر الإسلامى وأنه محل إجماع بين علماء المسلمين ، والحقيقة ليست كذلك ، إن ما قامت به الحركة الوهابية ودعت إليه من مقولات خاصة خلال السبعين سنة الماضية هو أكبر عملية لتزييف الفكر والتاريخ الإسلامى الصحيح
لهذا لا ينبغى للإنسان أن يغلق نفسه على مقولات الوهابية ودعاة السلفية ، ويستجيب لكل ضغوطهم وإرهابهم الفكرى وتبديعهم لجماهير العلماء بل وتكفيرهم فى كثير من الأحيان .
هذه المدونة أيضا تقدم نماذج حقيقية لكيفية مناقشة العلماء للقضايا وكيفية تفهمهم لها .
علينا ألا نسمع لرأى واحد ، ونغلق أعيننا وآذاننا دون أن نسمع آراء بقية العلماء ، وهذه إحدى إشكالات الصورة الزائفة للحياة الدينية الإسلامية التى تحاول أن تصبغنا بها الوهابية : الانغلاق ، والتعميم ، وهما وجهان لعملة واحدة ، رغم الدعوى الزائفة والكاذبة بالاجتهاد التى ما أريد بها إلا ترك المستقر والثابت والصحيح واتباع بدعهم وآرائهم الشاذة وأفكارهم المغلوطة
الأحد، ١٢ أبريل ٢٠٠٩
لا للترويج للتشيع فى بلاد أهل السنة كمصر والمغرب وإن كانت فتوى الشيخ شلتوت صحيحة النسبة إليه
الأربعاء، ٤ مارس ٢٠٠٩
27- جواز التبرك بمس وتقبيل منبر النبى صلى الله عليه وسلم وقبره عند الإمام أحمد
وقال الإمام عبد الله بن أحمد فى العلل* (2/492) سائلا والده الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رحمة واسعة عن حكم التبرك بمس منبر النبى صلى الله عليه وسلم وقبره :
((سألته عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله عزوجل فقال لا بأس بذلك)) .
وقد أوقفنى بعض أخواننا الأفاضل على هذا النقل ، فجزاه الله خيرا.
---
* كتاب العلل ومعرفة الرجال للامام أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله (164 - 241) تحقيق وتخريج الدكتور وصي الله بن محمد عباس ، الناشر : المكتب الاسلامي بيروت ، ودار الخاني الرياض، الطبعة الاولى 1408 هـ - 1988 م، 2 مج .
السبت، ٢١ فبراير ٢٠٠٩
27- العلم على الطريقة الوهابية - تسجيل صوتى لمولانا الشيخ على جمعة حفظه الله تعالى
الجمعة، ٢٠ فبراير ٢٠٠٩
26- نفى التشبيه والمماثلة عند أهل السنة - من خلال كلام الصابونى الماتريدى
((قد أثبتنا صفات الكمال لله تعالى ردا على المعطلة ، فلا بد من نفى التشبيه والمماثلة ردا على المشبهة ليتضح المنهج القويم ، فكلا طرفى الأمر ذميم ، وخير الأمور أوساطها ، ودلالة ذلك قوله تعالى {ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} ، نفى المماثلة بقوله {ليس كمثله شىء} ، ودل على ثبوت الصفات بقوله {وهو السميع البصير} .
واختلف القائلون فيما تثبت به المماثلة ، قالت الفلاسفة والباطنية وجهم بن صفوان : المماثلة تثبت بالاشتراك فى مجرد الوصف والتسمية ، حتى امتنعوا عن تسمية الله موجودا وشيئا وحيًّا وعالما وقادرا ، نفيا للمماثلة بين الله تعالى وبين خلقه .
وهذا باطل ، فإن المماثلة لو تثبت بالوصف العام لبطل تقسيم أرباب اللسان بين الأشياء من تسميتهم لبعض الأشياء جنسا ولبعضها ضدا ، ولبعضها خلافا ، ولبعضها مثلا ، بل كانت الأشياء كلها متماثلة ، حتى كان العجز مثلا للقدرة ، والسكون مثلا للحركة ، والشهد مثلا للسم ، وهذا مما يحيله العقلاء .
وقالت المعتزلة : المماثلة تثبت بالاشتراك فى أخص الأوصاف ، فإن للعلم مثلا ثلاثة أوصاف: الوجود والعرض والعلم ، فالوجود أعم الأوصف ، والعرض أوسطها ، والعلم أخصها ، فالعلم يماثل العلم من حيث كونه علما ، لا من حيث كونه موجودا وعرضا ، ولهذا امتنعوا عن وصف الله تعالى بالعلم نفيا للمماثلة بين الله وبين خلقه .
وهذا أيضا فاسد ، فإن القدرة التى يحمل الإنسان بها عشرة أَمْنَاء (من المقادير القديمة، وهو يساوى الآن 2.851 كجم) تشارك القدرة التى يحمل بها غيره مائة مَنٍّ فى أخص أوصافها ومع ذلك لا تماثلها .
وعندنا (يعنى أهل السنة من الماتريدية) : إنما تثبت بالاشتراك فى جميع الأوصاف ، حتى لو اختلف فى وصف واحد لا تثبت المماثلة ، مثال ذلك : أن العلم منا موجود وعرض وعلم ومحدث وجائز الوجود ويتجدد فى كل زمان ، ولو أثبتنا العلم صفة لله تعالى لكان موجودا ، وصفة وقديما وواجب الوجود ، ودائما من الأزل إلى الأبد ، فلا يماثل علم الخلق .
وحد المثلين عندنا أن يجوز على أحدهما من الأوصاف ما يجوز على الآخر . وقيل : حد المثلين ما يسد أحدهما مسد الآخر ، وذلك منفى بين صفات الله تعالى ، وصفات الخلق ، فلا يكونان مثلين([2]) .
([1]) الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، صاحب كتاب البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، 174 ص . طبعة أخرى : تحقيق د/ بكر طوبال أوغلى، دمشق : مط محمد هاشم الكتبى، 1396 هـ / 1979 م ، 224ص. انظر عنه وعن كتابه البداية : - د/ فتح الله خليف ، مقدمة تحقيقه لكتاب البداية ، (ص 3- 26) . - د/ بكر طوبال أوغلو ، مقدمة تحقيقه البداية فى أصول الدين (ص 9 - 13) .
([2]) انظر الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، (57- 60) .
25- تنزيه المولى تعالى عن صفات الحدث كالجسمية والمكانية والجهة عند أهل السنة من خلال كلام الصابونى
يقول الإمام نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر الصابونى (ت 580 هـ) صاحب البداية فى أصول الدين ، والذى ربما عرف أيضا بنور الدين البخارى([1]) :
((القول فى تنزيه الصانع عن سمات الحدث : ثم إن صانع العالم يستحيل أن يكون جسما أو ذا صورة أو فى جهة أو مكان ، وزعمت اليهود وغلاة والروافض والمشبهة والكرامية أنه جسم . وهشام بن الحكم يصفه بالصورة ، وقالت المشبهة والكرامية إنه متمكن على العرش . وقال بعضهم : إنه على العرش لا بمعنى التمكن ، ولكن يثبتون جهة فوق . وقالت النجارية : إنه بكل مكان بالذات . وقالت المعتزلة : إنه بكل مكان بالعلم لا بذاته .
وكل ذلك فاسد لأن فيه أمارات الحدث، فإن الجسم مجتمع ، وكل مجتمع يجوز افتراقه، وكذا يكون مقدرا بمقدار يتصور أن يكون أكبر منه أو أصغر ، فاختصاصه بهذا القدر لا يتصور إلا بتخصيص مخصص ، وكذا الصور مختلفة واجتماعه على الكل محال ، وتخصيص البعض لا يكون إلا بمخصص. وكذا لو كان متمكنا على العرش لا يتصور إلا أن يكون مقدرا بمقداره أو أصغر منه أو أكبر ، فإن كان مقدرا بمقداره أو أصغر منه فلا بد أن يكون محدودا متناهيا ، والتناهى من أمارات الحدث، وإن كان أكبر منه فالقدر الذى يوازى العرش يكون مقدرا بمقداره ، فلزم أن يكون متبعضا متجزئا، ثم لا بد وأن يكون متناهيا من جهة السفل حتى يكون متمكنا عليه ، وما جاز عليه التناهى من جهة جاز من سائر الجهات .
ولأن التعرى عن المكان والجهة كان ثابتا فى الأزل لإجماع بيننا وبين الخصوم على أن ما سوى الله تعالى محدث ، فلو ثبت التمكن والجهة بعد أن لم يكن ثابتا فى الأزل لحدث فى ذاته معنى لم يكن له فى الأزل، فتصير ذاته محلا للحوادث ، وأنه محال.
وقوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} محتمل ، فإن الاستواء يذكر ويراد به الاستيلاء ، ويراد به التمام ، ويراد به الاستقرار ، ويراد به التقدير ، ويراد به القصد ، ويراد به التمكن والاستقرار ، فلا يكون للخصم فيه حجة مع الاحتمال .
مع أن الترجيح كما قلنا : إنه تعالى تَمَدَّحَ به ، ولو ذكر الاستواء للمدح فى حق الخلق، لا يفهم منه التمكن والاستقرار ، وكما قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق
وتحقيق ذلك أن التمدُّح بما يمتاز به عمن لا يدانيه لا يساويه ، والاستواء بمعنى التمكن يساويه فيه كل دنىء وحقير ، فلا يكون فيه كثير مدح .
وقول من قال : إنه بكل مكان أفسد ، لأن المتمكن فى مكان واحد يستحيل أن يكون فى مكانين فى حالة واحدة ، فمن استحال عليه التمكن كيف يتصور أن يكون فى الأماكن كلها .
وكذا قول من قال : إنه بكل مكان بالعلم لا بذاته باطل أيضا ، لأن من يعلم مكانا لا يصح أن يقال هو فى ذلك المكان بالعلم .
وكذا القول بالجهة باطل أيضا ، لأن وجوده فى سائر الجهات محال ، وتخصيص بعض الجهات لا يكون إلا بمخصص .
ولأن من كان بجهة من الشىء لا بد وأن يكون بينهما مسافة مقدرة ، يتصور أن تكون أزيد من ذلك أو أنقص فلا بد من مخصص لذلك القدر مع مساواة غيره إياه فى الجواز .
ثم نقول : لا تمدح فى الفوقية من حيث الجهة ، إذ الحارس فوق السلطان من حيث الصورة ، والسلطان فوقه من حيث المرتبة المنزلة .
وكذا الجواب عن قوله {وهو القاهر فوق عباده} فإنه لا يكون تمدحا بالفوقية من حيث الجهة .
ورفع الأيدى إلى السماء فى وقت الدعاء تعبد ، كوضع الجبهة على الأرض فى السجود ، والاستقبال إلى الكعبة فى الصلاة .
وللمجسمة والمشبهة آيات وأخبار يتمسكون بظاهرها ، ولأهل السنة فيها طريقان :
أحدهما : قبولها وتصديقها ، وتفويض تأويلها إلى الله تعالى ، مع تنزيهه عما يوجب التشبيه ، وهو طريق سلفنا الصالح .
والثانى : قبولها والبحث عن تأويلها على وجه يليق بذات الله تعالى ، موافقا لاستعمال أهل اللسان ، من غير قطع بكون مراد الله تعالى ، وهو طريق الخلف . وطريقة السلف أسلم ، وطريقة الخلف أحكم([2]) .
([1]) الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، صاحب كتاب البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، 174 ص . طبعة أخرى : تحقيق د/ بكر طوبال أوغلى، دمشق : مط محمد هاشم الكتبى، 1396 هـ / 1979 م ، 224ص. انظر عنه وعن كتابه البداية : - د/ فتح الله خليف ، مقدمة تحقيقه لكتاب البداية ، (ص 3- 26) . - د/ بكر طوبال أوغلو ، مقدمة تحقيقه البداية فى أصول الدين (ص 9 - 13) .
([2]) انظر الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، (ص 44 - 49) .
الثلاثاء، ٢٠ مايو ٢٠٠٨
24 - أكذوبة انتشار التشيع بمصر أو أن السادة أشراف مصر أو صوفيتها تشيعوا
ما نشر من مقال على لسان من يزعمون أنه زعيم الشيعة فى مصر بموقع عربية (http://www.alarabiya.net/articles/2005/09/26/17156.html) كله أكاذيب وتلفيقات ولعبة سياسية قذرة .
وأنا مقيم بمصر ، وليل نهار داخل الحياة الدينية والعلمية بمصر بالأزهر الشريف ، أو بالطرق الصوفية ، أو بالسادة الأشراف ، ومختلط بكل هذا على كافة المستويات الشعبية والرسمية والمؤسسية ، وأجزم بأن ذلك كله كذب محض .
ونقابة الأشراف بمصر مؤسسة عريقة منذ قرون طويلة ، ومع هذا لم يتحول أشراف مصر إلى التشيع فى يوم من الأيام .
وكثير من علماء مصر من الأشراف وهم أهل سنة محضة .
أما الطرق الصوفية ولى علاقات واسعة بالعديد من الطرق الصوفية بمصر ، ولا علاقة لهم بالتشيع فى قليل ولا كثير .
ومحبة المصريين لآل البيت لا تعنى بحال من الأحوال تشيعهم .
وأى مصرى وخاصة الصوفية يقدمون سيدنا أبا بكر الصديق ثم سيدنا عمر ثم سيدنا عثمان ثم سيدنا على ، ويترضون على أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق ، ويترضون ويسيدون سيدنا معاوية بن أبى سفيان وسيدنا عمرو بن العاص .
وكافة أعلام الطرق الصوفية بمصر تجد فيها : أبو بكر - عمر - عثمان - على على ترتيب تقديمهم عند أهل السنة ، مكتوبة أسماءهم فى أركان الأعلام والألوية .
ومحبة آل البيت لا تعنى التشيع بأى حال من الأحوال .
وما سمعت مصريا قط لا صوفيا ولا شريفا يسب أحد من الصحابة قط ، أو يقدم على سيدنا أبى بكر أحدا ولا حتى سيدنا على ، مع محبتهم لسيدنا الحسين وإقامتهم لمولده ، ولا يعنى بحال من الأحوال إلا محبة النبى صلى الله عليه وسلم ، وبمحبته أحبوا آل بيته ، وبمحبته أحبوا السيدة عائشة وسائر أمهات المؤمنين ، وبمحبته أحبوا كل الصحابة بلا تفريق ولا استثناء .
وكل ما يقال عن انتشار التشيع فى مصر هو كذب وأباطيل ، وكل ما يقال عن علاقة الطرق الصوفية بالتشيع فهو كذب محض .
والذين يدعون إلى التشيع فى مصر مجموعة من المرتزقة الآفاقين الذين تصلهم أموال إيران ، ويلعبون لعبة سياسية قذرة لجمع مزيد من الأموال ، وإيهام الغرب أنهم طائفة مضطهدة ولها وجود بمصر ، وكل هذا كذب محض ، ولا يراد به إلا جمع المزيد من الأموال .
ولو صدق أن كل صوفى سنى هو شيعى ، أو قابل لتشيع أو مستبطن للتشيع لصار العالم الإسلامى بما أنه صوفى كله فيما عدا السعودية الرسمية (لاحظ أن كثيرا من أهالى السعودية ما زالوا صوفية) شيعيا أو قابلا للتشيع ، وهو شىء مضحك وهزلى ، لأن التصوف مستقر فى دول الإسلام السنية منذ قرون ، ولم يؤد هذا إلى تشيعها .
ولهذا فالصوفية السنيون ليسوا شيعة ، ولن يكونوا شيعة ، وعقيدتهم على عقيدة أهل السنة والجماعة ، وتسرى عقيدة أهل السنة والجماعة فيهم سريان الروح فى الجسد ، وعلى كافة الأصعدة حتى الشعبية منها ، وكما ذكرت مثال لهذا فهو ألوية الطرق الصوفية وأعلامها التى تجد فى أركانها أسماء الخلفاء الأربعة على ترتيبهم عند أهل السنة : أبو بكر – عمر – عثمان – على .
والعجب أن التصوف هو نتاج الفكر السنى ، ولا يوجد تصوف أصلا عند الشيعة ، وليس عندهم طرق صوفية ، والذى عندهم هو فلسفة إشراقية نتجت عن فلسفة السهروردى المقتول ، ومدرسته ورموزها كالملا صدر (صدر الدين الشيرازى) .
ولهذا فانقلاب التصوف السنى تشيعيا هو من باب قلب الحقائق ، وقلب الحقائق مستحيل .
والغرض المهم فى هذا الشأن هو عدم وجوب إثارة القلاقل الداخلية فى الدول .
فهل يحب الإيرانيون أن يثور أهل السنة الموجودون داخل إيران ، رغم اضطهادهم الشديد ، وعدم السماح لهم بممارسة شعائرهم ، فكما لا يحبون ذلك ، لا نحب نحن ذلك لبلادنا بفرض صدق دعوى وجود شيعة بمصر ، وهذه دعوى كاذبة .
وأيضا كما لا يحب ولا يسمح شيعة إيران ولا غيرهم بوجود حركة تدعو إلى المذهب السنى أو غيره داخل مجتمعاتهم ، لما يثيره ذلك من قلاقل وفتن وعدم استقرار ، فنحن لا نحب ذلك .
ولهذا فكما تحبون أن ندعكم وشأنكم ومذهبكم حفاظا على استقرار أوطانكم ، فدعونا وشأننا ومذاهبهم حفاظا على استقرار بلداننا .
ولا شك أن من حق ولاة الأمور فى بلادنا حماية التماسك الاجتماعى والاستقرار ، كما هو حق ولاة الأمور فى بلادكم ، لكن ولاة الأمور عندنا يتعاملون بانفتاح وتريث ويفرقون بين اعتناق الفكر وحرية الفكر حق كفله الشرع والقانون والدستور ، وبين الدعوة له بما يثير القلاقل والفتن ، ولهذا فدعوى اضطهاد أى شيعى فى مصر لمجرد أنه اعتنق فكرا شيعيا هى أيضا دعوى كاذبة ، ولا يوجد على أرض الكنانة أى إنسان عوقب أو اضطهد لكونه اعتنق فكرا ما فى خاصة نفسه .
لكن تحويل الفكر الشخصى إلى حركة ودعوة تعمل على هدم الاستقرار ونشر الفتن والإخلال بالنظام العام هو ما لا تسمح به أى بلد ولا أى نظام فى العالم كله شرقه وغربه ، متقدمه ومتخلفه ، ديمقراطيه وديكتاتوريه .ولا ينبغى أن يستغل التسامح والحرية والانفتاح الذى يتمتع به المجتمع المصرى بسبب كون مصر أحد حواضر الإسلام الكبرى ، والتى لا تستطيع أن تغلق أبوابها خاصة فى القاهرة المحروسة بما فيها من حراك فكرى واجتماعى وثقافى وسياسى وعلمى وحضارى .
السبت، ١٥ ديسمبر ٢٠٠٧
23 - ابن تيمية فى رأى علماء الأزهر الشريف السابقين - الشيخ المطيعى نموذجا
للشيخ المطيعى علامة مصر وفقيهها فى القرن الماضى ، مقدمة لطيفة قدم بها لكتاب شفاء السقام فى زيارة خير الأنام للسبكى ، وهذه المقدمة تتعلق بعلم الكلام ، وقد سماها : تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد([1]) .
ورغم صغر حجم الرسالة ، وعدم استيعابها لمسائل علم الكلام ، إلا أن لها أهميتها فى مجال كلامنا ، لما امتازت به من منهج يعبر عن موقف عقدى واضح ومتميز بناء على موقف أهل السنة والجماعة الحقيقى وليس المدعى الذى تتشدق به الوهابية :
1- فقد بدأ المصنف رحمه الله تعالى موقفه الكلامى من الوجود ليتوصل منه إلى وجوب العمل بالشرائع ، وهو حين يبدأ من الوجود ، يبدأ من أخص وجود يدركه الإنسان وهو وجوده نفسه فيقول : ((إن الله جل شأنه جعل لكل إنسان نفسا دراكة يصدّق بوجودها بالضرورة ، ويخفى عليه كنهها ، وكيفية إدراكها ، فلذلك ضرب الله لإدراكها حقائق الأشياء فى عالم الملك مثلا تقاس هى عليه ، فأوجد فيه عينا تدرك المبصرات ليكون إدراك العين للمبصرات مثالا لإدراك النفس لحقائق الأشياء ، حتى يكون الإنسان من نفسه على بصيرة ... وكما أن العين لا تبصر الأشياء إلا إذا أشرق عليها النور ، وخرجت من الظلمات وارتفعت الحجب ، كذلك النفوس لا تدرك حقائق الأشياء إلا إذا أشرق عليها نور التعليم الذى جاء به الرسل عليه الصلاة والسلام ... وكما لا يقف على أمراض العيون وأنواعها ... إلا الطبيب الحاذق ... كذلك لا يقف على أمراض النفوس ... إلا العالم بكنه النفس وكنه أمراضها وكيفية اتصالها بالبدن والأدوية اللازمة لها وما ذلك إلا الله جل شأنه {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ... فيجب على العاقل أن يعرض جميع أفعاله وأقواله على قانون الشرع ويجعلها مطابقة له أمرا ونهيا وإلا هلكت نفسه ...))([2]) .
2- وقد استخدم هذا المنهج النظر إلى الوجود فى نقد بعض القضايا المعاصرة ، مثل موقف قاسم أمين من حجاب امرأة ورأيه أن حجابها منعها من التعلم ، ويتعقبه الشيخ المطيعى بقوله : ((عند تدقيق النظر لا يرى العقلاء علاقة بين الحجب والتربية المذكورة ، فإن الحجاب لا يمنعها ، وعدم الحجب لا يستلزمها ، بل المدار فى ذلك على التعليم ، والحس شاهد عدل ، فإن أكثر الرجال (يعنى فى زمانه) مع عدم الحجاب تراهم لا يعرفون شيئا مما ذكر ، وكثير من النساء مع الحجاب يعرفن واجباتهن وما به يتكسبن ويقدرن على حاجاتهن المعاشية ...))([3]) .
3- ثم ينتقل بعد ذلك إلى ما يوضح به منهجه الكلامى فيقول : ((والذى أجمعت عليه الأمة الإسلامية وصار من القضايا الأولية أن أكبر النفوس وأكملها نفوس الأنبياء والرسل ، فهى المعصومة عن الخطأ والزلل والغفلة والبلادة والخيانة والتعصب والميل مع الأهواء والأغراض {الله أعلم حيث يجعل رسالته} ، ويليهم فى ذلك الأصحاب لأنهم أخذوا عنهم ذلك مباشرة ، فكل ما بينوه حق يتبع فهم أيضا محفوظون عما ذكر لا يخالف أحدهم الآخر لتعصب أو هوى أو غرض فى النفس ، وإنما أقوالهم واجتهادهم بساط الشرع الذى بسطه لخلقه فضلا منه ورحمة {محمد رسول الله والذين معه} الآية ، ويلى الأصحاب فى ذكر التابعون ، ويلى التابعين تابعو التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين))([4]) .
4- ثم يبين لنا منهم هم العلماء المقتدى بهم ، وما هى صفاتهم وشروطهم :((فمن كان من العلماء فى العصور السالفة أو فى هذا العصر متمسكا بما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح عليهم الصلاة والسلام فى أقواله وأفعاله بدون أن يخالفهم فى شىء من أصول الدين اعتقادا وعملا فطنا ذكيا واقفا عند حدود الشرع لا يخاف فى الله لومة لائم لا تزحزحه عن الحق عواصف الأغراض والأهواء بدون أن يبدى على ذلك أدنى ملاحظة واعتراض ، غير مسترسل مع عقله ، مستعملا له فى فهم ما ورد واقفا عنده ، لا يخرج عن مذاهب الأئمة المجتهدين رضوان الله عليهم أجمعين -: علمنا أن هذا العالم هو الموفق ، الذى تقبل أقواله ، ويقتدى به فيها ، وفى أفعاله ، لأنه علم ، واستعمل الدواء النافع الذى وضعه الله للنفوس لتحفظ به عن الخطأ فى إدراكها للحقائق ووقوفها مع الحق ، فامتثل الأمر ، واجتنب النهى ، وحفظ نفسه أو شفاها من الأسقام والعلل العائقة لها عن الإدراك فلم يخرج عن قواعد الشرع فى عقائده وأقواله وأعماله فلا يدرك إلا حقا ، ولا يقول إلا صدقا ، ولا يفعل إلا صوابا {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} ... ))([5]) .
5- ثم تكلم عمن لا يقبل قوله ولا يقتدى به ، وبين صفاتهم وأحوالهم بقوله : ((ومن كان من العلماء فى أى عصر كان غير متمسك بما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه مخالفا لشىء من ذلك فى أقواله وأفعاله واعتقاده غير واقف عند حدود الشرع مائلا مع الأهواء والأغراض أينما مالت متعصبا مسترسلا مع عقله معترضا بمقدماته العقلية على دقائق الشرع وحكمه التى خفيت عليه ، خارجا عن مذاهب أئمة الهدى علمنا أن هذا العالم من علماء السوء الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ، فهم مخذولون مطرودون عن الحق بعيدون عن الصدق والصواب ، مستدرجون من حيث لا يعلمون ، أولئك أعداء الأنبياء ، الداخلون فى قوله تعالى {وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الأنس والجن يوجى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} ، {وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} ، {أولئك حزب الشيطان} ، فهؤلاء قل أن يوفق منهم أحد للصواب ، وموافقة الواقع وإن كانت أقوالهم مزخرفة الظاهر ، لكنها فاسدة الباطن ، تتراكم على ضعفاء العقول تراكم الثلوج ، فإذا سطعت عليها شموس البراهين الحقة ذابت وتلاشت ، {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} ، {أولئك طبع الله على قلوبهم} ، {والله يقول الحق وهو يهدى السبيل} ، فالفارق بين من تقبل أقواله من العلماء ويقتدى به ، وبين من لا تقبل أقواله ولا يقتدى به هو ما ذكرنا .
6- فمن كان من الفريق الأول كان قوله مقبولا ، وبيانه معقولا ، موفقا للصواب لا يخرج فى اعتقاده أو قوله أو فعله عن حدود الشرع .
7- ومن كان من الفريق الثانى وجب نبذ أقواله ظهريا ، لأنه بعصيانه وعدم امتثاله الأوامر واجتنابه النواهى لم يستعمل الدواء الذى به يحفظ نفسه أو يشفيها من الأسقام الحائلة بينها وبين الحق والصواب ، {فأى الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} ، {وتلك حجتنا} .
8- ومن الفريق الثانى الذى طمس الله على قلبه وطبع عليه أهل البدع فى العقائد والأعمال ، الذين خالفوا الكتاب والسنة والإجماع ، {فضلوا وأضلوا كثيرا} ، {قاتهلم الله أنى يؤفكون} ، {ومأواهم جهنم وساءت مصيرا} ، وقد ابتلى المسلمون بكثير من هذا الفريق سلفا وخلفا ، فكانوا وصمة وثلمة فى المسلمين ، وعضوا فاسدا يجب قطعه حتى لا يعدى الباقى ، فهو المجذوم الذى يجب الفرار منه .
9- ومنهم : ابن تيمية الذى ألف كتابه المسمى بالواسطية ، وغيره ، فقد ابتدع ما خرق به إجماع المسلمين ، وخالف فيه الكتاب والسنة الصريحة ، والسلف الصالح ، واسترسل مع عقله الفاسد ، وأضله الله على علم فكان إلهه هواه ، ظنا منه أن ما قاله حق ، وما هو بالحق ، وإنما هو منكر من القول وزور .
10- قال الإمام صاحب التصانيف النافعة فى كل فن العلامة ابن حجر فى فتاواه الحديثية ما نصه : ابن تيمية عبد خذله الله ، وأضله وأعماه وأصمه وأذله ، وبذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله ، وكذب أقواله ، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وجلالته وبلوغه درجة الاجتهاد أبى الحسن السبكى ، وولده التاج ، والشيخ الإمام العز بن جماعة ، وأهل عصرهم وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية ، ولم يقصر اعتراضه على متأخرى الصوفية ، بل اعترض على مثل عمر بن الخطاب ، وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما ، والحاصل أنه لا يقام لكلامه وزن ، بل يرمى فى كل وعر وحزن ، ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال ، ومضل جاهل غال ، عامله الله بعدله ، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله آمين ...))([6]) ، ثم أفاض فى نقل كلام ابن حجر عن بعض طامات ابن تيمية ، وبيان ما فيها ثم قال الشيخ المطيعى :
11- ولما تظاهر قوم فى هذا العصر بتقليد ابن تيمية فى عقائده الكاسدة ، وتعضيد أقواله الفاسدة ، وبثها بين العامة والخاصة ، واستعانوا على ذلك بطبع كتابه المسمى بالواسطية ، ونشره وقد اشتمل هذا الكتاب على كثير مما ابتدعه ابن تيمية مخالفا فى ذلك الكتاب والسنة وجماعة المسلمين ، فأيقظوا فتنة كانت نائمة ، فقياما بما يجب علينا كنا عزمنا على جمع مؤلف فى الرد على ذلك الكتاب حتى لا يقع المسلمون بواسطة ابن تيمية ومن هم على شاكلته فى مهواة الضلال والهلاك الأبدية ، غير أنا وجدنا كتاب الإمام الجليل والمجتهد الكبير تقى الدين أبى الحسن السبكى المسمى بشفاء السقام فى زيارة خير الأنام وافيا بالغرض المقصود آتيا على ما قاله ابن تيمية فى ذلك الكتاب وغيره مقوضا لبنيانه ... فاكتفينا بطبعه ونشره بين المسلمين ... وقد ألحقنا بكتاب السبكى رسالة للعلامة الحموى وأخرى للعلامة السجاعى وفتوى للعلامة الشوبرى وجميعها تتضمن الرد على أمثال ابن تيمية ...))([7]) .
ثم تكلم بعد ذلك الشيخ المطيعى عن التوسل وهو ما سنعرض له فى مقال تال بإذن الله تعالى .
([1]) محمد بخيت المطيعى (العلامة الشيخ ، مفتى الديار المصرية) ، تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد ، وهو مقدمة شفاء السقام فى زيارة خير الأنام ، ومعه أيضا : نفحات القرب والاتصال بإثبات التصرف لأولياء الله تعالى والكرامة بعد الانتقال للحموى ، وإثبات كرامات الأولياء للسجاعى ، وفتوى عن الكرامات للشوبرى ، القاهرة : مط الأميرية ، ط 1 ، 1318 هـ .
الثلاثاء، ٢٠ نوفمبر ٢٠٠٧
22- موقف ابن تيمية من التصوف والصوفية عند الدكتور يوسف زيدان
يقول الدكتور زيدان فى دراسته القيمة ((الطريق الصوفى))([1]) : إن موقف ابن تيمية من التصوف والصوفية يحتاج منا إلى الوقفة التالية :
كان تقى الدين ابن تيمية (المتوفى سنة 728 هـ) مفكرا قلقا جاء فى زمن الأزمة الكبرى ، أعنى اجتياح المغول للعالم الإسلامى ، وقد سجل له التاريخ جملة مواقف مشهودى ضد التتار بالسيف وبالقلم والمناظرة ضد الطوائف المنحرفة والفلاسفة والمناطقة والمتكلمين ...حتى إنه كاد يقضى حياته كلها فى محن ومعارك لا تهدأ . وفى ميدان التصوف نظر ابن تيمية إلى الإمام الجيلانى نظرة إكبار وتقدير ، وعنى بشرح واحد من أشهر مؤلفات الجيلانى (فتوح الغيب) ، فكان شرحه ذوقا طيبا للمعانى الصوفية التى تعرض لها الإمام الجيلانى ، وخلا شرح ابن تيمية من أى نقد أو اعتراض على هذه المعانى الصوفية ، بل نراه يدعو الإمام الجيلانى بلقب شيخ الإسلام ، وإذا وضعنا (ِشرح فتوح الغيب) بجانب بعض الرسائل المعروفة لابن تيمية كرسالتى الصوفية والفقراء ، وقاعدة فى المحبة ، لانتهى ذلك بنا أمام إمام ذائق لحقائق التصوف ، بل ومعترف بمكانة أهله وكراماتهم وصدق أحوالهم ، كما يظهر من رسالته المعجزات والكرامات . فما هذا الهجوم الذى شنه ابن تيمية على الصوفية فى مجموعة الرسائل والمسائل ، والفتاوى ، حيث جرح أقطاب التصوف تجريحا ما له مثيل ، فنراه يعكس اسم الشيخ من مشايخهم الكبار – العفيف التلمسانى – ليسميه ابن تيمية : الفاجر التلمسانى . وبرغم أن التلمسانى واحد من رجال مدرسة ابن عربى ، إلا أننا نرى ابن تيمية يخفف الهجوم على ابن عربى ، ويقول بأنه أقرب هذه الطائفة إلى الإسلام ، ثم يكيل الاتهامات لتلاميذه الذين لم يكتبوا غير سطر واحد مما كتبه شيخهم الأكبر .
وبعد ذلك فكيف الحال بابن تيمية إذا عرف أن كل الحقائق التى أشار إليها الصوفية الذين هاجمهم فى رسائله وفتاواه هى بعينها الحقائق التى أشار إليها الإمام الجيلانى حين عبر فى أشعاره ومقالاته الرمزية عن غايات الطريق الصوفى ومنتهاه .
إن موقف ابن تيمية المضطرب من التصوف والصوفية - وهو العالم الفقيه الجليل القدر – يمكن أن نفسره من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن ابن تيمية كتب الهجوم وهو بعد فى سن الحمية والاندفاع المعرفى الذى انتقد فيه الفلاسفة والمناطقة والشيعة ، فضم إليهم الصوفية ، لكنه حين تقدم بعمره ، وذاق بعض المشارب الروحية التى يهتدى إليها العلماء ، ترفق فى القول ، وتعرف على بعض إشارات القوم الذوقية .
وبالوجه الثانى : فالمصطلح الصوفى قد ضلل ابن تيمية كما ضلل غيره من فقهاء الظاهر فراح يلقى سهامه اعتمادا على فهمه هو لدلالات المصطلحات الصوفية دون أن يتريث ليتكشف ما تحمله تلك الرموز والمصطلحات من دلالة رحبة ، ومن هنا نفهم كيف تسنى لابن تيمية أن ينتقد الشيخ الأكبر محيى الدين ابن عربى ، دون أن يحيط بمؤلفاته كلها ، هذه المؤلفات التى يقتضى إمعان قراءتها زمنا ، ويحتاج فهمها دهرا .
وبالوجه الأخير : فإن ابن تيمية لم يكن صاحب طريق ذوقى ، صحيح إنه صاحب جهد علمى لا ينكر واجتهاد فقهى لا يقارن ومدرسة سلفية واضحة المعالم ، لكنه مع ذلك كله لم يكن صاحب وجدانيات ومشارب ، فكان أن تعرف على بعض المعانى لبدايات الطريق الصوفى وعرف أصولها الشرعية ، فسر بذلك وامتدحه فى بعض الرسائل ، ثم توقف عند دقائق غايات هذا الطريق وسها عن أصولها فقال كلامه المر)) .
([1]) يوسف زيدان (الدكتور) ، الطريق الصوفى وفروع القادرية بمصر ، بيروت : دار الجيل ، ط 1 ، 1411 هـ / 1991 م ، ص 12 - 14.
الأحد، ١١ نوفمبر ٢٠٠٧
22- لا علاقة للتصوف فى مصر بالتشيع
ولست أسير فى جواب هذا السؤال سير البحث العلمى المتخصص ، بل سأنبه فيه على شىء بسيط للغاية يدل دلالة قاطعة على أنه لا علاقة للتصوف فى مصر بالتشيع ، وأن أصول الطرق الصوفية فى مصر كلها نابعة من مذهب أهل السنة والجماعة ، وأن كون الصوفية بمصر متعلقون بآل البيت فإن ذلك لا يتجاوز بحال أصول مذهب أهل السنة والجماعة .
وذلك الأمر الذى أشرت إليه هو شارات الصوفية وأعلام الطرق المصرية ، والتى كثيرا ما نجدها منشورة بالموالد ، أو فى مجالس الذكر ، أو اجتماعات الصوفية ، فالملاحظة المؤكدة أن السمة المشتركة بين الجميع أنك ستجد فى أركان العلم أو الشارة الأربعة أسماء السادة الخلفاء الأربعة رضى الله عنهم جميعا : أبو بكر (فى الركن اليمين لأعلى) – عمر (فى الركن اليسار لأعلى) – عثمان (فى الركن اليمين لأسفل) – على (فى الركن اليسار لأسفل) ، وهكذا يبدأون بسيدنا أبى بكر ، ويختمون بسيدنا على ، وهذا مطابق تماما لقواعد أهل السنة والجماعة ، ومخالف أتم المخالفة لأصول الشيعة .
ومن جهة أخرى فقد شاع واشتهر أن الصوفية قصروا سلاسل (أسانيد طرقهم) على الانتهاء بسيدنا على بن أبى طالب ، وليس كذلك ، بل هناك سلاسل لهم تنتهى إلى غيره من الصحابة ، مثل سيدنا أبى بكر عند السادة النقشبندية ، وهذا قاطع بعدم تشيعهم ، لما هو معلوم من رفض الشيعة – كذبوا وخابوا – للشيخين : سيدنا أبى بكر ، وسيدنا عمر .
فالسادة النقشبندية ينتسبون فى أشهر سلاسلهم إلى سيدنا أبى بكر الصديق ، ثانى الاثنين ، وأول الخلفاء ، وأبو السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنهما .
تقديم الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما أصل سنى أصيل ، يفرق به المرء بين السنى والشيعى ، فمتى رأيت الرجل يقدمهما ويترضى عنهما فاعلم أنه سنى على مذهب أهل السنة والجماعة .
ومن لطيف ما وقع لنا فى هذا الصدد أننا أثناء عملنا فى قسم الأفعال من مشروع جامع الأحاديث ، وجدنا الإمام السيوطى بدأ مسانيد هذا القسم بسيدنا أبى بكر ، ثم بسيدنا عمر ، ثم ببقية الخلفاء الأربعة ، ثم بسائر العشرة المبشرين رضى الله عنهم ، ثم ببقية الأسماء على ترتيب الهجاء .
فزدنا نحن على ذلك خطوة أثناء الطبع ، وأصررت على أن يمتاز الشيخان بمجلد يخصهما وحدهما ، لا يكون معهما فيه غيرهما لما لهم من القدم والسبق والجلالة فى الإسلام ما هو مشهور ومقرر عند أهل السنة ، وذلك فى المجلد التاسع من المشروع . ثم خصصت المجلد العاشر لبقية العشر المبشرين بالجنة مستهلا لهذا المجلد بمسند سيدنا عثمان بن عفان ، يليه مسند سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنهما .
فجرينا على ذلك على أصول مذهبنا والحمد لله رب العالمين .
الاثنين، ٢٢ أكتوبر ٢٠٠٧
21 - سعادة الدارين فى الرد على الفرقتين - الوهابية ومقلدة الظاهرية
نعتذر للسادة القراء عن التأخير ، حيث أخذ إعداد الكتاب جهدا كبيرا ، وسنوالى وضع باقى الكتاب تباعا إن شاء الله تعالى .
ومع شهرة الكتاب لا أجدنى بحاجة إلى كتابة شىء عنه ، وقد كان الحصول عليه صعبا للغاية منذ سنوات قريبة ، ووفق الله بعض دور النشر مؤخرا لطباعته أحدها بموريتانيا ، والأخرى بالإمارات ، والآن نتيحه على الشبكة الألكترونية ، مصورا عن نسخة مكتبة السادة الكردية نفعنا الله بهم ، ومن العجيب أن للكتاب عدة نسخة محفوظة بدار الكتب المصرية ، مفقود منها المجلد الأول من الجميع ، وعبثا حاولنا تصويره من هناك فلم نفلح ، واستعنا ببعض ذوى الشأن هناك لمحاولة التصوير من الكتاب مباشرة أو من الميكروفيش ، فلم نحصل إلا على المجلد الثانى ، ولا أدرى ما السبب .
فقط أقول : كان المشايخ ولا زالوا يوصون بقراءة هذا الكتاب .
برجاء متابعة الملفات ، وتحميلها من خلال الرابط التالى ، حيث قمنا بتقسيم الكتاب إلى عدة ملفات ، ونرفعها أولا بأولا :
http://esamanas100.googlepages.com/سعادةالدارينفىالردعلىالفرقتينالوهابيةومق