يقول الإمام نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر الصابونى (ت 580 هـ) صاحب البداية فى أصول الدين ، والذى ربما عرف أيضا بنور الدين البخارى([1]) :
((قد أثبتنا صفات الكمال لله تعالى ردا على المعطلة ، فلا بد من نفى التشبيه والمماثلة ردا على المشبهة ليتضح المنهج القويم ، فكلا طرفى الأمر ذميم ، وخير الأمور أوساطها ، ودلالة ذلك قوله تعالى {ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} ، نفى المماثلة بقوله {ليس كمثله شىء} ، ودل على ثبوت الصفات بقوله {وهو السميع البصير} .
واختلف القائلون فيما تثبت به المماثلة ، قالت الفلاسفة والباطنية وجهم بن صفوان : المماثلة تثبت بالاشتراك فى مجرد الوصف والتسمية ، حتى امتنعوا عن تسمية الله موجودا وشيئا وحيًّا وعالما وقادرا ، نفيا للمماثلة بين الله تعالى وبين خلقه .
وهذا باطل ، فإن المماثلة لو تثبت بالوصف العام لبطل تقسيم أرباب اللسان بين الأشياء من تسميتهم لبعض الأشياء جنسا ولبعضها ضدا ، ولبعضها خلافا ، ولبعضها مثلا ، بل كانت الأشياء كلها متماثلة ، حتى كان العجز مثلا للقدرة ، والسكون مثلا للحركة ، والشهد مثلا للسم ، وهذا مما يحيله العقلاء .
وقالت المعتزلة : المماثلة تثبت بالاشتراك فى أخص الأوصاف ، فإن للعلم مثلا ثلاثة أوصاف: الوجود والعرض والعلم ، فالوجود أعم الأوصف ، والعرض أوسطها ، والعلم أخصها ، فالعلم يماثل العلم من حيث كونه علما ، لا من حيث كونه موجودا وعرضا ، ولهذا امتنعوا عن وصف الله تعالى بالعلم نفيا للمماثلة بين الله وبين خلقه .
وهذا أيضا فاسد ، فإن القدرة التى يحمل الإنسان بها عشرة أَمْنَاء (من المقادير القديمة، وهو يساوى الآن 2.851 كجم) تشارك القدرة التى يحمل بها غيره مائة مَنٍّ فى أخص أوصافها ومع ذلك لا تماثلها .
وعندنا (يعنى أهل السنة من الماتريدية) : إنما تثبت بالاشتراك فى جميع الأوصاف ، حتى لو اختلف فى وصف واحد لا تثبت المماثلة ، مثال ذلك : أن العلم منا موجود وعرض وعلم ومحدث وجائز الوجود ويتجدد فى كل زمان ، ولو أثبتنا العلم صفة لله تعالى لكان موجودا ، وصفة وقديما وواجب الوجود ، ودائما من الأزل إلى الأبد ، فلا يماثل علم الخلق .
وحد المثلين عندنا أن يجوز على أحدهما من الأوصاف ما يجوز على الآخر . وقيل : حد المثلين ما يسد أحدهما مسد الآخر ، وذلك منفى بين صفات الله تعالى ، وصفات الخلق ، فلا يكونان مثلين([2]) .
([1]) الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، صاحب كتاب البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، 174 ص . طبعة أخرى : تحقيق د/ بكر طوبال أوغلى، دمشق : مط محمد هاشم الكتبى، 1396 هـ / 1979 م ، 224ص. انظر عنه وعن كتابه البداية : - د/ فتح الله خليف ، مقدمة تحقيقه لكتاب البداية ، (ص 3- 26) . - د/ بكر طوبال أوغلو ، مقدمة تحقيقه البداية فى أصول الدين (ص 9 - 13) .
([2]) انظر الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، (57- 60) .
((قد أثبتنا صفات الكمال لله تعالى ردا على المعطلة ، فلا بد من نفى التشبيه والمماثلة ردا على المشبهة ليتضح المنهج القويم ، فكلا طرفى الأمر ذميم ، وخير الأمور أوساطها ، ودلالة ذلك قوله تعالى {ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} ، نفى المماثلة بقوله {ليس كمثله شىء} ، ودل على ثبوت الصفات بقوله {وهو السميع البصير} .
واختلف القائلون فيما تثبت به المماثلة ، قالت الفلاسفة والباطنية وجهم بن صفوان : المماثلة تثبت بالاشتراك فى مجرد الوصف والتسمية ، حتى امتنعوا عن تسمية الله موجودا وشيئا وحيًّا وعالما وقادرا ، نفيا للمماثلة بين الله تعالى وبين خلقه .
وهذا باطل ، فإن المماثلة لو تثبت بالوصف العام لبطل تقسيم أرباب اللسان بين الأشياء من تسميتهم لبعض الأشياء جنسا ولبعضها ضدا ، ولبعضها خلافا ، ولبعضها مثلا ، بل كانت الأشياء كلها متماثلة ، حتى كان العجز مثلا للقدرة ، والسكون مثلا للحركة ، والشهد مثلا للسم ، وهذا مما يحيله العقلاء .
وقالت المعتزلة : المماثلة تثبت بالاشتراك فى أخص الأوصاف ، فإن للعلم مثلا ثلاثة أوصاف: الوجود والعرض والعلم ، فالوجود أعم الأوصف ، والعرض أوسطها ، والعلم أخصها ، فالعلم يماثل العلم من حيث كونه علما ، لا من حيث كونه موجودا وعرضا ، ولهذا امتنعوا عن وصف الله تعالى بالعلم نفيا للمماثلة بين الله وبين خلقه .
وهذا أيضا فاسد ، فإن القدرة التى يحمل الإنسان بها عشرة أَمْنَاء (من المقادير القديمة، وهو يساوى الآن 2.851 كجم) تشارك القدرة التى يحمل بها غيره مائة مَنٍّ فى أخص أوصافها ومع ذلك لا تماثلها .
وعندنا (يعنى أهل السنة من الماتريدية) : إنما تثبت بالاشتراك فى جميع الأوصاف ، حتى لو اختلف فى وصف واحد لا تثبت المماثلة ، مثال ذلك : أن العلم منا موجود وعرض وعلم ومحدث وجائز الوجود ويتجدد فى كل زمان ، ولو أثبتنا العلم صفة لله تعالى لكان موجودا ، وصفة وقديما وواجب الوجود ، ودائما من الأزل إلى الأبد ، فلا يماثل علم الخلق .
وحد المثلين عندنا أن يجوز على أحدهما من الأوصاف ما يجوز على الآخر . وقيل : حد المثلين ما يسد أحدهما مسد الآخر ، وذلك منفى بين صفات الله تعالى ، وصفات الخلق ، فلا يكونان مثلين([2]) .
([1]) الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، صاحب كتاب البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، 174 ص . طبعة أخرى : تحقيق د/ بكر طوبال أوغلى، دمشق : مط محمد هاشم الكتبى، 1396 هـ / 1979 م ، 224ص. انظر عنه وعن كتابه البداية : - د/ فتح الله خليف ، مقدمة تحقيقه لكتاب البداية ، (ص 3- 26) . - د/ بكر طوبال أوغلو ، مقدمة تحقيقه البداية فى أصول الدين (ص 9 - 13) .
([2]) انظر الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، (57- 60) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق