نحو قراءة منهجية للتراث الصوفي الإسلامي
لأستاذنا الدكتور أبى اليزيد أبو زيد العجمي
أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة .
قال فضيلته فى أوله :
((مدخل - التصوف بين الصيت والرؤية العلمية
ظُلم التصوف الإسلامي في كثير من قراءات الناس له، ربما بسبب المصطلح - كما يذكر البعض - وربما بسبب انحراف بعض المنتسبين إليه، وربما بسبب حرب بعض الاتجاهات الفكرية له وهو ما أشاع عنه أنه وافد ليست الحياة الإسلامية بحاجة إليه، فضلاً عن أنه مبتدَع، تسبب في إبعاد ذويه عن الإسهام الحضاري وعن الارتباط بالأصول الشرعية، وهذه الأسباب وغيرها - بصرف النظر عن صحتها أو صحة بعضها أو عدم صحته - تقرر حقيقة أن هذا الجزء من تراث المسلمين أصابه قسط كبير من الظلم، لا نغالي إذا قلنا لم يُصب بمثله جزء آخر من تراث حضارتنا.
وقد عرف تاريخ الفكر الإسلامي اتجاهات لنقد التصوف بعضها من داخله لتصحيح المسار، وبعضها من خارجه – وهو بيت القصيد - ذهب أهل هذا الأخير مذاهب، أحدها مَدَح حتى الأخطاء، وسوغها بالتأويل، وثانيها غض طرفه عن كل حسن في هذا التراث، فلم ير فيه إلا كل خلل وفساد، وانطلق من حالات فردية إلى حكم عام وموقف شامل، وثالثها توسّط، لكنه لم يكن على شهرة السابقين.
وقد عانى الفكر الصوفي من المذهبين الأولين، بل وحجب كلٌ جزءًا من الحقيقة عن الناس؛ الأمر الذي جعل كثيرًا من العلماء والباحثين قديمًا وحديثًا ينادون بضرورة التزام منهج وسط بين الرفض المطلق والقبول المطلق.
وتعددت أشكال نداءاتهم، فمن قائل بضرورة المنهجية قبل الحكم والنقد، ومن قائل بضرورة التريث قبل الحكم على السابقين، ومن قائل بضرورة النظر إلى كل زوايا التصوف، واعتبار كل مراحله عند التقسيم.
وقديمًا تبني هذه الدعوة علم من أعلام العلماء المحافظين، فنادى بخطأ القبول المطلق والرفض المطلق، وجعل الحكم هوى إن كان صادرًا عن حب مطلق أو بعض مطلق. ذلكم هو شيخ الإسلام ابن تيمية الذي سار في هذا الأمر على درب سابقين له من العلماء الحنابلة.
وإذا كان هناك اتفاق بين دعوة المعاصرين ودعوة ابن تيمية ومن سبقه، فإن هناك فارقًا أساسيًا هو أن المعاصرين لم يقدموا تصورًا كاملاً للمنهج الذي ينبغي أن تكون عليه قراءة التصوف، بل أشاروا إلى بعض النقاط بإيجاز وإجمال، أما ابن تيمية فقد قدم تصورًا أكثر تفصيلًا عن المنهج في نقد التصوف، بل وطبّقه في النظر إلى مراحل التصوف، وإلى المصطلح، وإلى رجال التصوف ونحو هذا.
لكن نقول أيضًا: إن هذا التصور عنده مبثوث في شتى كتاباته عن التصوف، وعن السلوك، بل وعن العقيدة أيضًا؛ الأمر الذي لم يجعله شهيرًا من الدارسين، وبخاصة أنه أشيع عن عداء شيخ الإسلام للتصوف الكثير.
فرغبةً في الإفادة من تراثنا الروحي في حياتنا المعاصرة، ورغبة في إنصاف هذا الجزء من تراثنا، وإيمانًا بضرورة المنهج في قراءة التراث بل وغير التراث، وانضمامًا إلى صفوف العلماء والباحثين المنادين بذلك، ورغبة كذلك في إبراز الموقف المنهجي الحق لشيخ الإسلام ابن تيمية.. لهذه الأسباب وما في بابها رأيت أن أقدّم تصورًا لكيفية القراءة المنهجية للتراث الصوفي، آملاً أن أضع به نقطة ضوء أمام الدارسين الباحثين عن الحق والمستهدفين الإفادة من التراث للمعاصرة دون تكلف أو افتعال.وقد جمعت شتات إشارات من هنا ومن هناك، وتطبيقات تناثرت في ثنايا البحوث وأضفت إليها رؤيتي وخبرة صلتي بهذا الجزء من تراثنا لأقدّم هذه الرؤية التي بين يدي القارئ، محاولاً ألا أحيد عن العدل في حكمي أو تعليقي؛ التزامًا بالمنهج الذي أدعو إليه، على طريق علماء سبقوا وباحثين لا يزالون يعطون العلم خبراتهم ورؤاهم...))
ظُلم التصوف الإسلامي في كثير من قراءات الناس له، ربما بسبب المصطلح - كما يذكر البعض - وربما بسبب انحراف بعض المنتسبين إليه، وربما بسبب حرب بعض الاتجاهات الفكرية له وهو ما أشاع عنه أنه وافد ليست الحياة الإسلامية بحاجة إليه، فضلاً عن أنه مبتدَع، تسبب في إبعاد ذويه عن الإسهام الحضاري وعن الارتباط بالأصول الشرعية، وهذه الأسباب وغيرها - بصرف النظر عن صحتها أو صحة بعضها أو عدم صحته - تقرر حقيقة أن هذا الجزء من تراث المسلمين أصابه قسط كبير من الظلم، لا نغالي إذا قلنا لم يُصب بمثله جزء آخر من تراث حضارتنا.
وقد عرف تاريخ الفكر الإسلامي اتجاهات لنقد التصوف بعضها من داخله لتصحيح المسار، وبعضها من خارجه – وهو بيت القصيد - ذهب أهل هذا الأخير مذاهب، أحدها مَدَح حتى الأخطاء، وسوغها بالتأويل، وثانيها غض طرفه عن كل حسن في هذا التراث، فلم ير فيه إلا كل خلل وفساد، وانطلق من حالات فردية إلى حكم عام وموقف شامل، وثالثها توسّط، لكنه لم يكن على شهرة السابقين.
وقد عانى الفكر الصوفي من المذهبين الأولين، بل وحجب كلٌ جزءًا من الحقيقة عن الناس؛ الأمر الذي جعل كثيرًا من العلماء والباحثين قديمًا وحديثًا ينادون بضرورة التزام منهج وسط بين الرفض المطلق والقبول المطلق.
وتعددت أشكال نداءاتهم، فمن قائل بضرورة المنهجية قبل الحكم والنقد، ومن قائل بضرورة التريث قبل الحكم على السابقين، ومن قائل بضرورة النظر إلى كل زوايا التصوف، واعتبار كل مراحله عند التقسيم.
وقديمًا تبني هذه الدعوة علم من أعلام العلماء المحافظين، فنادى بخطأ القبول المطلق والرفض المطلق، وجعل الحكم هوى إن كان صادرًا عن حب مطلق أو بعض مطلق. ذلكم هو شيخ الإسلام ابن تيمية الذي سار في هذا الأمر على درب سابقين له من العلماء الحنابلة.
وإذا كان هناك اتفاق بين دعوة المعاصرين ودعوة ابن تيمية ومن سبقه، فإن هناك فارقًا أساسيًا هو أن المعاصرين لم يقدموا تصورًا كاملاً للمنهج الذي ينبغي أن تكون عليه قراءة التصوف، بل أشاروا إلى بعض النقاط بإيجاز وإجمال، أما ابن تيمية فقد قدم تصورًا أكثر تفصيلًا عن المنهج في نقد التصوف، بل وطبّقه في النظر إلى مراحل التصوف، وإلى المصطلح، وإلى رجال التصوف ونحو هذا.
لكن نقول أيضًا: إن هذا التصور عنده مبثوث في شتى كتاباته عن التصوف، وعن السلوك، بل وعن العقيدة أيضًا؛ الأمر الذي لم يجعله شهيرًا من الدارسين، وبخاصة أنه أشيع عن عداء شيخ الإسلام للتصوف الكثير.
فرغبةً في الإفادة من تراثنا الروحي في حياتنا المعاصرة، ورغبة في إنصاف هذا الجزء من تراثنا، وإيمانًا بضرورة المنهج في قراءة التراث بل وغير التراث، وانضمامًا إلى صفوف العلماء والباحثين المنادين بذلك، ورغبة كذلك في إبراز الموقف المنهجي الحق لشيخ الإسلام ابن تيمية.. لهذه الأسباب وما في بابها رأيت أن أقدّم تصورًا لكيفية القراءة المنهجية للتراث الصوفي، آملاً أن أضع به نقطة ضوء أمام الدارسين الباحثين عن الحق والمستهدفين الإفادة من التراث للمعاصرة دون تكلف أو افتعال.وقد جمعت شتات إشارات من هنا ومن هناك، وتطبيقات تناثرت في ثنايا البحوث وأضفت إليها رؤيتي وخبرة صلتي بهذا الجزء من تراثنا لأقدّم هذه الرؤية التي بين يدي القارئ، محاولاً ألا أحيد عن العدل في حكمي أو تعليقي؛ التزامًا بالمنهج الذي أدعو إليه، على طريق علماء سبقوا وباحثين لا يزالون يعطون العلم خبراتهم ورؤاهم...))
والبحث له نسخة منشورة ألكترونيا بموقع التصوف الإسلامى ، ويمكن تحميل نسخة كاملة من البحث بالضغط على العنوان الرئيسى السابق ، أو على الرابط التالى :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق