------------------------------------------
------------------------------------------
مقدمة
هذه المدونة تناقش ما تحاول أن تشيعه الوهابية على أنه من مسلمات الفكر الإسلامى وأنه محل إجماع بين علماء المسلمين ، والحقيقة ليست كذلك ، إن ما قامت به الحركة الوهابية ودعت إليه من مقولات خاصة خلال السبعين سنة الماضية هو أكبر عملية لتزييف الفكر والتاريخ الإسلامى الصحيح
لهذا لا ينبغى للإنسان أن يغلق نفسه على مقولات الوهابية ودعاة السلفية ، ويستجيب لكل ضغوطهم وإرهابهم الفكرى وتبديعهم لجماهير العلماء بل وتكفيرهم فى كثير من الأحيان .
هذه المدونة أيضا تقدم نماذج حقيقية لكيفية مناقشة العلماء للقضايا وكيفية تفهمهم لها .
علينا ألا نسمع لرأى واحد ، ونغلق أعيننا وآذاننا دون أن نسمع آراء بقية العلماء ، وهذه إحدى إشكالات الصورة الزائفة للحياة الدينية الإسلامية التى تحاول أن تصبغنا بها الوهابية : الانغلاق ، والتعميم ، وهما وجهان لعملة واحدة ، رغم الدعوى الزائفة والكاذبة بالاجتهاد التى ما أريد بها إلا ترك المستقر والثابت والصحيح واتباع بدعهم وآرائهم الشاذة وأفكارهم المغلوطة
الأحد، ١٢ أبريل ٢٠٠٩
لا للترويج للتشيع فى بلاد أهل السنة كمصر والمغرب وإن كانت فتوى الشيخ شلتوت صحيحة النسبة إليه
الأربعاء، ٤ مارس ٢٠٠٩
27- جواز التبرك بمس وتقبيل منبر النبى صلى الله عليه وسلم وقبره عند الإمام أحمد
وقال الإمام عبد الله بن أحمد فى العلل* (2/492) سائلا والده الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رحمة واسعة عن حكم التبرك بمس منبر النبى صلى الله عليه وسلم وقبره :
((سألته عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله عزوجل فقال لا بأس بذلك)) .
وقد أوقفنى بعض أخواننا الأفاضل على هذا النقل ، فجزاه الله خيرا.
---
* كتاب العلل ومعرفة الرجال للامام أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله (164 - 241) تحقيق وتخريج الدكتور وصي الله بن محمد عباس ، الناشر : المكتب الاسلامي بيروت ، ودار الخاني الرياض، الطبعة الاولى 1408 هـ - 1988 م، 2 مج .
السبت، ٢١ فبراير ٢٠٠٩
27- العلم على الطريقة الوهابية - تسجيل صوتى لمولانا الشيخ على جمعة حفظه الله تعالى
الجمعة، ٢٠ فبراير ٢٠٠٩
26- نفى التشبيه والمماثلة عند أهل السنة - من خلال كلام الصابونى الماتريدى
((قد أثبتنا صفات الكمال لله تعالى ردا على المعطلة ، فلا بد من نفى التشبيه والمماثلة ردا على المشبهة ليتضح المنهج القويم ، فكلا طرفى الأمر ذميم ، وخير الأمور أوساطها ، ودلالة ذلك قوله تعالى {ليس كمثله شىء وهو السميع البصير} ، نفى المماثلة بقوله {ليس كمثله شىء} ، ودل على ثبوت الصفات بقوله {وهو السميع البصير} .
واختلف القائلون فيما تثبت به المماثلة ، قالت الفلاسفة والباطنية وجهم بن صفوان : المماثلة تثبت بالاشتراك فى مجرد الوصف والتسمية ، حتى امتنعوا عن تسمية الله موجودا وشيئا وحيًّا وعالما وقادرا ، نفيا للمماثلة بين الله تعالى وبين خلقه .
وهذا باطل ، فإن المماثلة لو تثبت بالوصف العام لبطل تقسيم أرباب اللسان بين الأشياء من تسميتهم لبعض الأشياء جنسا ولبعضها ضدا ، ولبعضها خلافا ، ولبعضها مثلا ، بل كانت الأشياء كلها متماثلة ، حتى كان العجز مثلا للقدرة ، والسكون مثلا للحركة ، والشهد مثلا للسم ، وهذا مما يحيله العقلاء .
وقالت المعتزلة : المماثلة تثبت بالاشتراك فى أخص الأوصاف ، فإن للعلم مثلا ثلاثة أوصاف: الوجود والعرض والعلم ، فالوجود أعم الأوصف ، والعرض أوسطها ، والعلم أخصها ، فالعلم يماثل العلم من حيث كونه علما ، لا من حيث كونه موجودا وعرضا ، ولهذا امتنعوا عن وصف الله تعالى بالعلم نفيا للمماثلة بين الله وبين خلقه .
وهذا أيضا فاسد ، فإن القدرة التى يحمل الإنسان بها عشرة أَمْنَاء (من المقادير القديمة، وهو يساوى الآن 2.851 كجم) تشارك القدرة التى يحمل بها غيره مائة مَنٍّ فى أخص أوصافها ومع ذلك لا تماثلها .
وعندنا (يعنى أهل السنة من الماتريدية) : إنما تثبت بالاشتراك فى جميع الأوصاف ، حتى لو اختلف فى وصف واحد لا تثبت المماثلة ، مثال ذلك : أن العلم منا موجود وعرض وعلم ومحدث وجائز الوجود ويتجدد فى كل زمان ، ولو أثبتنا العلم صفة لله تعالى لكان موجودا ، وصفة وقديما وواجب الوجود ، ودائما من الأزل إلى الأبد ، فلا يماثل علم الخلق .
وحد المثلين عندنا أن يجوز على أحدهما من الأوصاف ما يجوز على الآخر . وقيل : حد المثلين ما يسد أحدهما مسد الآخر ، وذلك منفى بين صفات الله تعالى ، وصفات الخلق ، فلا يكونان مثلين([2]) .
([1]) الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، صاحب كتاب البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، 174 ص . طبعة أخرى : تحقيق د/ بكر طوبال أوغلى، دمشق : مط محمد هاشم الكتبى، 1396 هـ / 1979 م ، 224ص. انظر عنه وعن كتابه البداية : - د/ فتح الله خليف ، مقدمة تحقيقه لكتاب البداية ، (ص 3- 26) . - د/ بكر طوبال أوغلو ، مقدمة تحقيقه البداية فى أصول الدين (ص 9 - 13) .
([2]) انظر الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، (57- 60) .
25- تنزيه المولى تعالى عن صفات الحدث كالجسمية والمكانية والجهة عند أهل السنة من خلال كلام الصابونى
يقول الإمام نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر الصابونى (ت 580 هـ) صاحب البداية فى أصول الدين ، والذى ربما عرف أيضا بنور الدين البخارى([1]) :
((القول فى تنزيه الصانع عن سمات الحدث : ثم إن صانع العالم يستحيل أن يكون جسما أو ذا صورة أو فى جهة أو مكان ، وزعمت اليهود وغلاة والروافض والمشبهة والكرامية أنه جسم . وهشام بن الحكم يصفه بالصورة ، وقالت المشبهة والكرامية إنه متمكن على العرش . وقال بعضهم : إنه على العرش لا بمعنى التمكن ، ولكن يثبتون جهة فوق . وقالت النجارية : إنه بكل مكان بالذات . وقالت المعتزلة : إنه بكل مكان بالعلم لا بذاته .
وكل ذلك فاسد لأن فيه أمارات الحدث، فإن الجسم مجتمع ، وكل مجتمع يجوز افتراقه، وكذا يكون مقدرا بمقدار يتصور أن يكون أكبر منه أو أصغر ، فاختصاصه بهذا القدر لا يتصور إلا بتخصيص مخصص ، وكذا الصور مختلفة واجتماعه على الكل محال ، وتخصيص البعض لا يكون إلا بمخصص. وكذا لو كان متمكنا على العرش لا يتصور إلا أن يكون مقدرا بمقداره أو أصغر منه أو أكبر ، فإن كان مقدرا بمقداره أو أصغر منه فلا بد أن يكون محدودا متناهيا ، والتناهى من أمارات الحدث، وإن كان أكبر منه فالقدر الذى يوازى العرش يكون مقدرا بمقداره ، فلزم أن يكون متبعضا متجزئا، ثم لا بد وأن يكون متناهيا من جهة السفل حتى يكون متمكنا عليه ، وما جاز عليه التناهى من جهة جاز من سائر الجهات .
ولأن التعرى عن المكان والجهة كان ثابتا فى الأزل لإجماع بيننا وبين الخصوم على أن ما سوى الله تعالى محدث ، فلو ثبت التمكن والجهة بعد أن لم يكن ثابتا فى الأزل لحدث فى ذاته معنى لم يكن له فى الأزل، فتصير ذاته محلا للحوادث ، وأنه محال.
وقوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} محتمل ، فإن الاستواء يذكر ويراد به الاستيلاء ، ويراد به التمام ، ويراد به الاستقرار ، ويراد به التقدير ، ويراد به القصد ، ويراد به التمكن والاستقرار ، فلا يكون للخصم فيه حجة مع الاحتمال .
مع أن الترجيح كما قلنا : إنه تعالى تَمَدَّحَ به ، ولو ذكر الاستواء للمدح فى حق الخلق، لا يفهم منه التمكن والاستقرار ، وكما قال الشاعر :
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق
وتحقيق ذلك أن التمدُّح بما يمتاز به عمن لا يدانيه لا يساويه ، والاستواء بمعنى التمكن يساويه فيه كل دنىء وحقير ، فلا يكون فيه كثير مدح .
وقول من قال : إنه بكل مكان أفسد ، لأن المتمكن فى مكان واحد يستحيل أن يكون فى مكانين فى حالة واحدة ، فمن استحال عليه التمكن كيف يتصور أن يكون فى الأماكن كلها .
وكذا قول من قال : إنه بكل مكان بالعلم لا بذاته باطل أيضا ، لأن من يعلم مكانا لا يصح أن يقال هو فى ذلك المكان بالعلم .
وكذا القول بالجهة باطل أيضا ، لأن وجوده فى سائر الجهات محال ، وتخصيص بعض الجهات لا يكون إلا بمخصص .
ولأن من كان بجهة من الشىء لا بد وأن يكون بينهما مسافة مقدرة ، يتصور أن تكون أزيد من ذلك أو أنقص فلا بد من مخصص لذلك القدر مع مساواة غيره إياه فى الجواز .
ثم نقول : لا تمدح فى الفوقية من حيث الجهة ، إذ الحارس فوق السلطان من حيث الصورة ، والسلطان فوقه من حيث المرتبة المنزلة .
وكذا الجواب عن قوله {وهو القاهر فوق عباده} فإنه لا يكون تمدحا بالفوقية من حيث الجهة .
ورفع الأيدى إلى السماء فى وقت الدعاء تعبد ، كوضع الجبهة على الأرض فى السجود ، والاستقبال إلى الكعبة فى الصلاة .
وللمجسمة والمشبهة آيات وأخبار يتمسكون بظاهرها ، ولأهل السنة فيها طريقان :
أحدهما : قبولها وتصديقها ، وتفويض تأويلها إلى الله تعالى ، مع تنزيهه عما يوجب التشبيه ، وهو طريق سلفنا الصالح .
والثانى : قبولها والبحث عن تأويلها على وجه يليق بذات الله تعالى ، موافقا لاستعمال أهل اللسان ، من غير قطع بكون مراد الله تعالى ، وهو طريق الخلف . وطريقة السلف أسلم ، وطريقة الخلف أحكم([2]) .
([1]) الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، صاحب كتاب البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، 174 ص . طبعة أخرى : تحقيق د/ بكر طوبال أوغلى، دمشق : مط محمد هاشم الكتبى، 1396 هـ / 1979 م ، 224ص. انظر عنه وعن كتابه البداية : - د/ فتح الله خليف ، مقدمة تحقيقه لكتاب البداية ، (ص 3- 26) . - د/ بكر طوبال أوغلو ، مقدمة تحقيقه البداية فى أصول الدين (ص 9 - 13) .
([2]) انظر الصابونى (نور الدين أحمد بن محمود بن أبى بكر ، ت 580 هـ) ، البداية من الكفاية فى الهداية فى أصول الدين ، تحقيق أ/د فتح الله خليف ، القاهرة : دار المعارف ، 1969 م ، (ص 44 - 49) .