دار جدل حول صحة الفتوى المنسوبة للشيخ شلتوت حول صحة التعبد على المذهب الجعفرى ، وأقول : حتى ولو صحت نسبة الفتوى للشيخ شلتوت - وهى صحيحة النسبة إليه فى الحقيقة - وبغض النظر عن موقفنا منها من الناحية العلمية ، فإن هذا ليس معناه فتح الأبواب أمام التشيع ليغزو بلاد أهل السنة كمصر وبلاد المغرب العربى وغيرها ، كما لا ينبغى أن يساء فهم هذه الفتوى ، واستعمالها فى إثارة الفتن ، بينما سياقها التاريخى يوضح لنا أن المراد بها هو نزع فتيل الشقاق والفتنة بين الطوائف المختلفة خاصة فى البلاد ذات الطوائف المتعددة كالعراق والسعودية ، فمعنى الفتوى ألا يحارب الشيعةُ السنةَ ، ولا السنةُ الشيعةَ وأن يتعايش الكل فى سلام ، وأن لأهل كل مذهب أن يتعبدوا الله بمذهبهم ، هذا هو مقصود الفتوى التى سيأتى نصها ، وليس لها معنى سوى ذلك . وأى محاولة لفهمها على غير ذلك أو الترويج للتشيع تحت راية هذه الفتوى فهو فهم مغلوط لها .
وفى الحقيقة أنا لا أحب أن يروج لمذهب الشيعة فى بلدى مصر أو فى أى بلد سنى ، ولا أحب إثارة الفتن ، والقلاقل ، والخروج على النظام العام .وأيضا فإن الاطلاع على نص كلام الشيخ شلتوت، يشير إلى أن مذهب الشيعة الاثنى عشر ، ومقصود الكلام هو تصحيح العبادة على المذهب الجعفرى بالنسبة لأهله ، وليس المقصود الترويج له وأن ينتقل السنى إلى التشيع .ففى كتاب مشيخة الأزهر (2/549 - 550 للشيخ على عبد العظيم ، ط مط الأزهر الشريف ، 1425 هـ / 2004 م) : (( ...بدأ الإمام فى الدعوة إلى التقريب مع من دعا إليها من زعماء المسلمين ، يقول الإمام فى ذلك : إن دعوة التقريب هى دعوة التوحيد ... وقد عهد إلى بمنصب مشيخة الأزهر أن أصدرت فتواى فى جواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة الأصول المعروفة المصادر المتبعة لسبيل المؤمنين ومنها مذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ... وها هو ذا الأزهر الشريف ينزل على حكم هذا المبدأ مبدأ التقريب بين أرباب المذاهب المختلفة فيقرر دراسة فقه المذاهب الإسلامية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلو من التعصب لفلان وفلان)) . ومن الخير أن نسجل هنا فتوى الإمام للحقيقة والتاريخ : سئل فضيلة الإمام (يعنى الشيخ شلتوت) : إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكى تقع عبادته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة ، فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأى على إطلاقه، فتمنعون تلقيد مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية مثلا .فأجاب فضيلته : إن الإسلام لا يوجب على أحد اتباع مذهب معين بل نقول : إن لكل مسلم الحق فى أن يقلد بادئ ذى بدء أى مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها فى كتبها الخاصة ، ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره أى مذهب كان ولا حرج عليه فى شىء . إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة ينبغى للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة ...)) انتهى المقصود من كلام الشيخ شلتوت ، نقلا من كتاب مشيخة الأزهر لعلى عبد العظيم ، طبعة الأزهر الشريف .
وهذا الكلام يمكن توظيفه فحسب لرأب الصدع بين الدول الإسلامية ونزع فتيل الفتن بين الطوائف المختلفة فى البلاد ذات الطوائف المتعددة كالعراق وإيران التى هى مليئة بأهل السنة المضطهدين ، وهذا هو مقصود الشيخ شلتوت فيما أحسب ومن حاول إحياء فتاواه هذه فى العصر الحديث.أما استخدام هذه الفتوى للترويج لمذهب الشيعة فى بلاد السنة الخالصة كمصر والمغرب ونحوها فهو من سوء الفهم وسوء استخدام الكلام فى غير محله ، ولا أظن أن الشيخ شلتوت يرضى بهذا ولا كذلك من جدد الإفتاء بكلامه فى هذا العصر .
انظر لمتابعة الحوار حول الموضوع : القرضاوي: لا فتوى لشلتوت بالتعبد على "الجعفري"