ما نشر من مقال على لسان من يزعمون أنه زعيم الشيعة فى مصر بموقع عربية (http://www.alarabiya.net/articles/2005/09/26/17156.html) كله أكاذيب وتلفيقات ولعبة سياسية قذرة .
وأنا مقيم بمصر ، وليل نهار داخل الحياة الدينية والعلمية بمصر بالأزهر الشريف ، أو بالطرق الصوفية ، أو بالسادة الأشراف ، ومختلط بكل هذا على كافة المستويات الشعبية والرسمية والمؤسسية ، وأجزم بأن ذلك كله كذب محض .
ونقابة الأشراف بمصر مؤسسة عريقة منذ قرون طويلة ، ومع هذا لم يتحول أشراف مصر إلى التشيع فى يوم من الأيام .
وكثير من علماء مصر من الأشراف وهم أهل سنة محضة .
أما الطرق الصوفية ولى علاقات واسعة بالعديد من الطرق الصوفية بمصر ، ولا علاقة لهم بالتشيع فى قليل ولا كثير .
ومحبة المصريين لآل البيت لا تعنى بحال من الأحوال تشيعهم .
وأى مصرى وخاصة الصوفية يقدمون سيدنا أبا بكر الصديق ثم سيدنا عمر ثم سيدنا عثمان ثم سيدنا على ، ويترضون على أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق ، ويترضون ويسيدون سيدنا معاوية بن أبى سفيان وسيدنا عمرو بن العاص .
وكافة أعلام الطرق الصوفية بمصر تجد فيها : أبو بكر - عمر - عثمان - على على ترتيب تقديمهم عند أهل السنة ، مكتوبة أسماءهم فى أركان الأعلام والألوية .
ومحبة آل البيت لا تعنى التشيع بأى حال من الأحوال .
وما سمعت مصريا قط لا صوفيا ولا شريفا يسب أحد من الصحابة قط ، أو يقدم على سيدنا أبى بكر أحدا ولا حتى سيدنا على ، مع محبتهم لسيدنا الحسين وإقامتهم لمولده ، ولا يعنى بحال من الأحوال إلا محبة النبى صلى الله عليه وسلم ، وبمحبته أحبوا آل بيته ، وبمحبته أحبوا السيدة عائشة وسائر أمهات المؤمنين ، وبمحبته أحبوا كل الصحابة بلا تفريق ولا استثناء .
وكل ما يقال عن انتشار التشيع فى مصر هو كذب وأباطيل ، وكل ما يقال عن علاقة الطرق الصوفية بالتشيع فهو كذب محض .
والذين يدعون إلى التشيع فى مصر مجموعة من المرتزقة الآفاقين الذين تصلهم أموال إيران ، ويلعبون لعبة سياسية قذرة لجمع مزيد من الأموال ، وإيهام الغرب أنهم طائفة مضطهدة ولها وجود بمصر ، وكل هذا كذب محض ، ولا يراد به إلا جمع المزيد من الأموال .
ولو صدق أن كل صوفى سنى هو شيعى ، أو قابل لتشيع أو مستبطن للتشيع لصار العالم الإسلامى بما أنه صوفى كله فيما عدا السعودية الرسمية (لاحظ أن كثيرا من أهالى السعودية ما زالوا صوفية) شيعيا أو قابلا للتشيع ، وهو شىء مضحك وهزلى ، لأن التصوف مستقر فى دول الإسلام السنية منذ قرون ، ولم يؤد هذا إلى تشيعها .
ولهذا فالصوفية السنيون ليسوا شيعة ، ولن يكونوا شيعة ، وعقيدتهم على عقيدة أهل السنة والجماعة ، وتسرى عقيدة أهل السنة والجماعة فيهم سريان الروح فى الجسد ، وعلى كافة الأصعدة حتى الشعبية منها ، وكما ذكرت مثال لهذا فهو ألوية الطرق الصوفية وأعلامها التى تجد فى أركانها أسماء الخلفاء الأربعة على ترتيبهم عند أهل السنة : أبو بكر – عمر – عثمان – على .
والعجب أن التصوف هو نتاج الفكر السنى ، ولا يوجد تصوف أصلا عند الشيعة ، وليس عندهم طرق صوفية ، والذى عندهم هو فلسفة إشراقية نتجت عن فلسفة السهروردى المقتول ، ومدرسته ورموزها كالملا صدر (صدر الدين الشيرازى) .
ولهذا فانقلاب التصوف السنى تشيعيا هو من باب قلب الحقائق ، وقلب الحقائق مستحيل .
والغرض المهم فى هذا الشأن هو عدم وجوب إثارة القلاقل الداخلية فى الدول .
فهل يحب الإيرانيون أن يثور أهل السنة الموجودون داخل إيران ، رغم اضطهادهم الشديد ، وعدم السماح لهم بممارسة شعائرهم ، فكما لا يحبون ذلك ، لا نحب نحن ذلك لبلادنا بفرض صدق دعوى وجود شيعة بمصر ، وهذه دعوى كاذبة .
وأيضا كما لا يحب ولا يسمح شيعة إيران ولا غيرهم بوجود حركة تدعو إلى المذهب السنى أو غيره داخل مجتمعاتهم ، لما يثيره ذلك من قلاقل وفتن وعدم استقرار ، فنحن لا نحب ذلك .
ولهذا فكما تحبون أن ندعكم وشأنكم ومذهبكم حفاظا على استقرار أوطانكم ، فدعونا وشأننا ومذاهبهم حفاظا على استقرار بلداننا .
ولا شك أن من حق ولاة الأمور فى بلادنا حماية التماسك الاجتماعى والاستقرار ، كما هو حق ولاة الأمور فى بلادكم ، لكن ولاة الأمور عندنا يتعاملون بانفتاح وتريث ويفرقون بين اعتناق الفكر وحرية الفكر حق كفله الشرع والقانون والدستور ، وبين الدعوة له بما يثير القلاقل والفتن ، ولهذا فدعوى اضطهاد أى شيعى فى مصر لمجرد أنه اعتنق فكرا شيعيا هى أيضا دعوى كاذبة ، ولا يوجد على أرض الكنانة أى إنسان عوقب أو اضطهد لكونه اعتنق فكرا ما فى خاصة نفسه .
لكن تحويل الفكر الشخصى إلى حركة ودعوة تعمل على هدم الاستقرار ونشر الفتن والإخلال بالنظام العام هو ما لا تسمح به أى بلد ولا أى نظام فى العالم كله شرقه وغربه ، متقدمه ومتخلفه ، ديمقراطيه وديكتاتوريه .ولا ينبغى أن يستغل التسامح والحرية والانفتاح الذى يتمتع به المجتمع المصرى بسبب كون مصر أحد حواضر الإسلام الكبرى ، والتى لا تستطيع أن تغلق أبوابها خاصة فى القاهرة المحروسة بما فيها من حراك فكرى واجتماعى وثقافى وسياسى وعلمى وحضارى .